“السوشال ميديا” خطر يهدد الأمة
بقلم: ناصر مخلد الحديد

النشرة الدولية –

سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي علينا جميعا على حركاتنا وسكناتنا وأصبحت حياتنا رهناً بها بل ان البعض أصبح سجيناً في قلعتها ، فالتكنولوجيا بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص لو تعد ترفاً او رفاهيةً،  بل اصبحت ضرورة فرضتها متغيرات عالم الاتصال والتواصل، واصبحت ذات سيطرة مُرعبة كونها قادرة على إنهاء سمعة وكرامة اي شخص في دقائق معدودة مهما كانت سمعته طيبة وكرامته مُصانه، بإيصال ما يُكتب عن الشخص ليصبح (تريند ).

كما تملك وسائل التواصل الاجتماعي القدرة والقوة على تحويل صورة أعتى المجرمين وتحولهم في رأي المجتمع إلى اشخاص أبرياء وقد يتطور الامر ليجعل منهم أبطال كون الحكم هنا للعالم الإفتراضي، ولا أبالغ إذا قلت أنها أصبحت كقاعة محكمة مفتوحة الكل فيها يسعى لمحاكمة الاخر،  ويقوم بنشر الفيديوهات والصور كدلائل وقرائن لإدانة الآخرين دون تثبت، ولعلى أبرز مثال على حجم سيطرة وسائل التواصل على المجتمعات، ما تسببت فيه بحادثة مقتل طالبة المنصورة التي أزهقت روحها بكل دم بارد وهزت المجتمع المصري حين عبثت وسائل التواصل بفكر المجتمع، ففي بادئ الامر أبدى الجميع على منصات التواصل  تعاطفهم مع الضحية رحمها الله، وطالبوا بقصاص عاجل غير آجل، وحيت ظهرت بعض الصور والمعلومات غير الموثقة والتي لا نعلم مدى صحتها وشككت في سمعة وكرامة المغدورة طالبة المنصورة ، تبدد تعاطف الكثير من الاشخاص وأصبحوا يبررون للقاتل المجرم فعلته بل أصبحوا متعاطفين معه.

 

وهنا فقد ظهرت الصورة الجنونية لسيطرة وسائل الإعلام على المجتمع، فقد قلبت الأمور رأساً على عقب وتحول مجرم الأمس إلى قتيل اليوم، وأصبح الكثيرون يبررون جريمة القاتل ويبحثون له عن الأعذار رغم أنه أزهق روح انسان ، وقد صدق المستشار مرتضى منصور عندما قال ان المغدورة قتلت مرتين ، مرة على يد القاتل والمرة الاخرى كانت على  وسائل التواصل الاجتماعي عندما طعن في كرامتها وشرفها.

لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ظهور مصطلح  جديد في الإعلام وهو “صحافة المواطن، وهو نشر شخص أو مجموعة أشخاص مقالات وأخبار وتقارير تعبر عن وجهة نظرهم هم انفسهم في مختلف القضايا،  وتتميز هذه المواضيع بأنها تفتقر للدقة والمصداقية من خلال المزج بين الاراء والخبر، مما يؤدي الى تضليل الرأي العام وخصوصا مع إقبال الكثير من الاشخاص على الاعلام البديل الموجود في وسائل التواصل ، ناهيك عن الترويج للخطأ وتغيير المفاهيم ومسميات الافعال السيئة والسموم الفكرية حتى تمر مرور الكرام،  وتقضي على ما تبقى من خير واخلاق نبيلة ومعاني سامية، فقد كشفت دراسة بحثية صادرة عن كرسي الامير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله للقيم الاخلاقية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، تخص الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على السلم القيمي للشباب، وخلصت الدراسة إلى أن الاهتزاز القيمي بدأ بالظهور بعد طفرة الجيل الثاني من الويب، وولادة شبكات التواصل الاجتماعي والاعتماد عليها كمصدر وحيد للأخبار والمعلومات ونظرا للتنوع الواسع لفئات المستخدمين ، وتعدد مستوياتهم الثقافية والاخلاقية ، فقد ظهرت أفعال سلبية في سلوك الشباب غريبة عن العادات والتقاليد والقيم، لتظهر  جماعات تدافع عن تلك السلوكيات وتدعو لتبنيها ، وانا اقول ايضا انها لا  تسهم فقط في صناعة الرأي العام وتشكيله بل أصبحت في كثير من الاحيان الى منصات للتضليل الاعلامي ونشر الشائعات الهدامة.

لقد كان من الطبيعي وفي ظل ضبابية وسائل التواصل الاجتماعي أن تطفوا على السطح أشكال غريبة، اصبحو يعرفون بمشاهير “السوشيال ميديا”، وغالبيتهم  لا يقدمون أي محتوى مفيد سوا الظهور ببث مباشر والتنمر على بعظهم البعض، وكيل الشتائم دون حسيب او رقيب ونشر تفاصيل حياتهم اليومية ، والادهى والامر ان الكثير من الاشخاص ياخذونهم قدوة خصوصا المراهقين، ويرجع سبب ذلك كله حسب رأيي الشخصي لحجم المردود المالي الذي يتقاضاه هؤلاء أي ما يسميهم المجتمع بمشاهير “السوشيال ميديا” دون جهد، أي كسب سريع خلال مدة وجيزة ودون أي تعب من خلال الاعلانات المختلفة ، وهذا شئ مغري خصيصا للمراهقين، وبالتالي الاعراض عن العلم والتعلم والمعرفة، ولا أبالغ اذ قلت ان هذه الفئة أصبحت تشكل اقتصاد ظل أي اقتصاد مستتر لا يتم احصاؤه بشكل رسمي وفعلي وبعيدا عن النظام الاداري، ليصبح بيئة خصبة لجرائم غسيل الاموال واصبح من الازم تنظيم كل شيء وكبح جماح هذا الجنون.

آخر الكلام:

سؤال يبحث عن إجابة للنجاة بالمجتمع وجعله أنقى وأطهر ، كيف نهتدي للطريق السليم في ايصال المعلومة ونقلها بطريقة تجعلنا نحافظ على مجتمعنا وننجو به؟، وأين دور المثقفين والحكومات في التصدي لهيمنة وسائل التواصل.؟

زر الذهاب إلى الأعلى