المجلس العسكري في مالي يطرد المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة للسلام

النشرة الدولية –

أمر المجلس العسكري في باماكو الأربعاء بطرد المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، ليسلط ذلك الضوء من جديد على الخلاف الدبلوماسي بين السلطات العسكرية في البلاد وشركائها الدوليين.

وتتهم السلطات المالية أوليفييه سالغادو، وهو مواطن فرنسي، بنشر “معلومات غير مقبولة” على شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”، غداة اعتقال 49 جندياً من ساحل العاج في باماكو في 10 تموز/يوليو.

وأفاد البيان الذي أُرسل إلى وكالة فرانس برس بأنّ الحكومة أبلغت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة دانييلا كروسلاك بقرار باماكو “دعوة السيد أوليفييه سالغادو المتحدث باسم مينوسما، لمغادرة الأراضي (المالية) في غضون 72 ساعة”.

في نيويورك، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها “العميق” لهذا القرار. وشدد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق على أن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا ينطبق على موظفي الأمم المتحدة، وأضاف أنه سيتم اتخاذ “الإجراءات المناسبة”، من دون تفاصيل.

وكان سالغادو قد نشر، بصفته المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة في مالي منذ إنشاء البعثة في العام 2013، مواد إعلامية من “مينوسما” تتعلّق بقضية الجنود المعتقلين.

وأعلن في تغريدة عبر “تويتر”، أنّ “السلطات المالية أُبلغت على الأرجح مسبقاً بوصول 49 جندياً من ساحل العاج على متن رحلة مدنية إلى المطار الدولي (في باماكو) الأحد 10 تموز/يوليو 2022″، وهو ما تفيه باماكو.

وأكدت أبيدجان أن هؤلاء الجنود الذين وصفتهم باماكو بأنهم “مرتزقة” كان من المقرّر أن يتولّوا المسؤولية ويحلوا محل جنودها الآخرين المنتشرين في مالي كعناصر دعم وطنية. ويسمح هذا الإجراء لوحدات بعثات حفظ السلام باستدعاء مقدّمي الخدمات من خارج الأمم المتحدة لتقديم دعمٍ لوجستي.

يأتي طرد سالغادو ليُضاف إلى توترات دبلوماسية أخرى بين مالي والأمم المتحدة. فقد أعلنت باماكو في 14 تموز/يوليو تعليق جميع التبديلات العسكرية والشرطية في “مينوسما”، مشيرة إلى الحاجة إلى عقد “اجتماع” بين الطرفين “لتسهيل التنسيق والتنظيم” بهذا الشأن. ولم يتم تحديد موعد لهذا الاجتماع بعد.

وفي اليوم التالي، أعلنت مصر تعليق مشاركة 1035 جندياً في مينوسما اعتباراً من آب/أغسطس، بعدما كان قد تمّ تجديد التفويض لها لمدة عام في 29 حزيران/يونيو.

وترافق هذا التجديد مع “معارضة شديدة” من مالي لحرية تنقّل جنود حفظ السلام بهدف إجراء تحقيقات متعلقة بحقوق الإنسان.

وكان سفيرها لدى الأمم المتحدة عيسى كونفورو قد أعلن أن باماكو “لا تنوي تنفيذ” أحكام التفويض المتعلّقة بحرية حركة جنود حفظ السلام لإجراء التحقيقات من دون الحصول على ضوء أخضر مسبق.

وبحسب دبلوماسيين، يعود التقييد على حرية الحركة الذي تمّ إضفاء الطابع الرسمي عليه في نهاية حزيران/يونيو، إلى شهر كانون الثاني/ يناير، أي الفترة التي تزامنت مع نشر القوات شبه العسكرية التابعة للشركة الروسية الخاصة “فاغنر” في مالي.

وصباح الأربعاء، أرسلت جمعية “يريولو ديبوت سور ليه ريمبار” (Yerewolo-Debout sur les Remparts) المقرّبة من المجلس العسكري، رسالة إلى مقر مينوسما في باماكو تطلب فيها مغادرة البعثة. وأشارت الجمعية إلى أنّ مينوسما باتت “قوة احتلال تحيي الخوف وترعاه”.

يأتي هذا الطرد في سياق مواجهة دبلوماسية مستمرّة منذ عدّة أشهر بين باماكو وشركائها، وخصوصاً فرنسا التي دفعتها مالي للخروج من أراضيها في أوائل العام 2022، بعد تسع سنوات من الوجود العسكري المتمثّل في قوة سرفال ثم برخان.

وقال باحث في باماكو طلب عدم الكشف عن هويته، إن تصعيد التوترات الدبلوماسية بين مينوسما ومالي يتبع “المسار ذاته” الذي سلكته العلاقة بين فرنسا ومالي، مشيراً إلى “عرقلة عمل الوحدات الأجنبية والتشكيك في الإطار القانوني ثم طرد شخصية لها حضور ورمزية…”.

وكانت السلطات المالية قد طردت السفير الفرنسي في كانون الثاني/يناير، فيما يُغادر آخر الجنود الفرنسيون البلاد في غضون أسابيع.

وأشار الباحث إلى أنّ الأسلوب ذاته اعتُمد في التعامل مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي فرضت عقوبات قاسية على مالي على مدى ستة أشهر بسبب عدم احترامها التزاماتها، خصوصاً في ما يتعلّق بعودة المدنيين إلى السلطة.

ورُفعت العقوبات المالية والاقتصادية في أوائل تموز/يوليو بعد تقديم جدول زمني انتخابي يحدّد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في شباط/فبراير 2024. وأخيراً برزت التوترات مع ساحل العاج منذ العاشر من تموز/يوليو، بعد توقيف جنودها في مطار باماكو.

وكان ممثل بعثة الأمم المتحدة في كيدال شمال البلاد، آخر شخصية أممية طُلب منها مغادرة مالي في نهاية العام 2019، بعد تصريحات اعتبرتها السلطات المالية غير مناسبة.

زر الذهاب إلى الأعلى