العالم مزدحم بالقذرين
ريم قمري
النشرة الدولية –
هذا العالم مزدحم بالقذرين ، لو يتوفر لي القليل من المال ، سأقضي بقية حياتي في سفر دائم الى أن أموت، سأزور اصقاعا بعيدة لا يفكر أحد في زيارتها ، و أعرف ناسا يشبهون الطبيعة و الأرض ، أريد أن أفعل كل هذا حتى لا يدفعني الضجر من العالم الى الانتحار.
أنا كائن هش جدا ، نعم تلك هي الحقيقة ، قد أبدو قوية و متماسكة و لا مبالية، لكني أضعف بكثير من جناح فراشة، أملك فقط القدرة على النهوض مجددا كلما سقطت ، و بارعة كثيرا في الاختباء وراء ابتسامتي.
أنا كائن محكوم بالطريق، نعم أحس دوما أنه يجب علي أن لا أتوقف مطلقا و ان أواصل السير ، و الوصول ليس هدفي مطلقا، لكني لا أحب السقوط و التدحرج مطولا، يسكنني دائما هاجس التخلص من بقايا طين الآخرين كلما التصق بطيني.
انا كائن محكوم بالحب، مهما خذلت و تألمت دائما ما أقع مجددا في الحب ، كل من خذلوني لم أتوقف عن حبهم، لان الحب و الخذلان متلازمان ، فلن تحس بالخذلان الا ممن أحببته فعلا، الباقي مجرد محطات ، لكن ما يحصل هو أني رغم حبي لهم ، أصبح عاجزة تماما عن تقبل وجودهم في حياتي بأي شكل كان .
هكذا بكل بساطة يمكنك ان تحب شخصا كثيرا، و تدرك كم انت عاجز عن تقبل وجوده مجددا في حياتك ، يشبه الأمر كثيرا إحساسك أن الانتحار فعل شجاع جدا
مع ذلك و ببساطة تامة مازلت لا املك الشجاعة الكافية للانتحار ، يبدو ان تربية الأمل أفسدتني بشكل كامل
وقد لا يفهم الكثيرون معني ان يقدم شخص على الانتحار ، اما أنا فأفهم الأمر جيدا.
المنتحرون هم أولائك الذين فهموا الحياة بشكل جيد، من أدركوا بسرعة جانبها العبثي ، من لمسوا قتامتها في عمق الضوء.
ليس سهلا ان تكون شخصا هشا ، تبكيه وردة او حتى تراقص اللهب شتاء في مدفأة ، و ليس سهلا ان تكون ممتلئا بالحياة لدرجة انك لا تستطيع تحملها أكثر ، و ليس سهلا ان تكون كاتبا او فنان ، انه انحراف نفسي شديد الألم و الخطورة .
و لا أحد يمكنه ان يفهم معني ان يقرر شخص وضع حد لحياته ، إنها أعظم شجاعة ان تذهب للعدم بإختيارك.
عليك ان تكون شاعرا او كاتبا او فنانا او كل هؤلاء مجتمعين لتتقبل فكرة أن الانتحار يمكن أن يكون عملا شجاعا لكن بالمقابل إذا لم تستطيع فعل ذلك يمكنك أن تحترم قليلا حزن شخص انقطعت صلته بالحياة واختار ان يغادرها قبل أن تغادره….