مظفر النواب

النشرة الدولية – جوليات أنطونيوس –

تسائلني المنابر ُ والمآقي

تُراعُ لفرقةٍ  بعد التلاقي

فلا صوتٌ ولا نبضٌ يثورُ

يؤّرّق حبرُه زمنَ  النفاقٍ

أيا نوّابُ أمهلنا قليلا

ترجّلْ من قصائدك  العماقِ

أمرتَ الحرفَ أن يعلو لتعلو

فجاوزتَ السماءَ  بلا وثاقِ

رسولُ الشعر أنتَ الشعبُ شعرا

وإنّك  نسلُ أقوامٍ   خِلاقِ

مقيمٌ في العُلا كالطير حرٌ

ومجدك في ذرى الأوطان باقي

أيا مَنْ في لياليه الغريبة

أطاق بصدرِه  غيرَ المطاق

فهل ننسى غداة تقول أرضى

بما تحظى الطيور بأن ألاقي ؟

كأنّ حروفك الأقدارُ تجري

كما يجري الفراتُ على الحداق

فذاك الفيضُ من ظلم ألمّ

وهذا النهرُ للأحلام  ساقي

وهل يُجدي العزاءَ وقد تراءَى

نخيلُ الدمع يعلو في المآقي

فلو سكَتَ الترابُ وكاد يُمحى

على ألارواح تبقى للرَّماقِ

صبوتَ إلى الكرامة مستنيرا

كنسرٍ لا تُروّع كالبواقي

فقام القوم كلّهم عليك

وأبواقٌ على كرسٍ  وساقِ

فلم تُحنِ الجبين على افتراء

ولم تَطوِ البيان عن السياقِ

وما  لوّنت للإطراء سطرا

ولم  تلبس أكاذيبا  عتاقِ

وزدت البحر بحرا من يراعك

وقُدتَ الشعر ما  بعد الأفاقِ

وشعرُك جاء من جمرٍ وحبرٍ

ولا ينفكّ حبرُك في انطلاقٍ

بحرفِك لا بجيشٍ قد لَمَعْتَ

كشمس  لم تزل قيد احتراقِ

كأنّ حبالُها سُقِيَت بريح

فهبّ الشعرُ كالخيلِ  الرّشاقِ

ومن ذا يبتغي سبَقَ الرياح

وقد فشِل السوابقُ باللحاقِ

وجاء الموت ممتدَّ الظلال

سموت على المدى فوق المحاقِ

وشاء الموت أن يطويك ذكرى

أقمتَ الشعرَ من بعد انطباقِ

تشاغلتِ النفوسُ بما دهاك

وشغلُك في اشتياقك للعراقِ

إذا فارقت في الدنيا أديبا

تدلّى ذكرهُ حَول  العناقِ

وقد يَبلى اليراعُ إلى تراب

وتبقى الروح في جسد الوراقِ

وقد يأتي ويرحل ألف جيل

ولا نوّابُ غيرك في العراقِ

 

زر الذهاب إلى الأعلى