مخربو عقول الأمة
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

تجدهم في كل مكان، يدخلون عليك غرفة نومك بأفكارهم وصورهم وأصواتهم، محذرين مفتين في ما يعرفون ولا يعرفون، دون استئذان، تستضيفهم الفضائيات، فيسرحون بعقول المستمعين والمتابعين كما يسرح الراعي بخرافه، ويصلون لمرحلة التحكم بمصير الكثيرين، وجهل أو صمت الجهات الحكومية يجعلهم أقوياء، وهم بارعون في نشر الغباء والسطحية والكراهية من خلال العزف على أوتار الطائفية والقبلية؛ ولا يكترثون لتشويه التاريخ وقلب الحقائق، وتخريب عقول الصغار قبل الكبار، طالما أن ما يرددونه فيه منفعة لهم!

يقول النفيسي إن برلمانيا بريطانيا أخبره، وكالعادة لم يذكر اسمه ولا تاريخ المحادثة، إن حكومته تنظر لنا، كمحطات وقود، وليس كدول، ويرسلون لنا بواخرهم لملئها بالبترول!

هذا كلام ساذج وغير صحيح، فقد عاشرت الإنكليز لستين عاماً ولم أجد منهم إلا كل احترام، طالما احترم المتعامل معهم نفسه. أما إن تصرف بسفاهة، حينها الكل سينظر له بدونية، إنكليزاً أو غيرهم، وحتى لو صدق كلامه، وهو ليس صحيحاً، فإن عليهم دفع ثمن ما يشترونه من بترول غاليا، وبغير ذلك سيسود بلادهم الظلام وسيعضهم البرد، ولن ينير شوارعهم ومحالهم ما يعتقدونه عنا!

وفي قناة مباشر الإخوانية تقول الداعية «…» إن امرأة داكنة البشرة توفيت، وأثناء قيامها بغسل جثمانها، بحضور أهلها(!!) لاحظت الداعية في الغسلة الثانية، وكانت بماء زمزم، أن بشرة المتوفاة السمراء بدأت بالتحول للبياض، كما بدأت تستجيب لطلبات زوجها وهي تبتسم! وكالعادة لم تذكر أسماء ولا تواريخ المعجزة، والمذيع الإخوانجي «الأهبل» يستمع لها دون اعتراض!

كما خرج علينا «إخوانجي» آخر، وغالباً من المعارضين لنظام الحكم في مصر، بإحصائية غريبة، انتهى بها لمطالبة الدول الخليجية بأن تدفع لمصر نقداً فرق الرواتب التي يتقاضاها المصريون في الدولة الخليجية، مقارنة بما كان سيتقاضاه غيرهم من أطباء ومهندسين ومعماريين وزبالين لو كانوا من دول أوروبية مثلا، وعليها بالتالي دفع الفرق، أو ستقوم مصر بسحبهم جميعا، لكي ينهار اقتصاد الدول الخليجية!

لا يعلم هذا الأهبل أنه ليس من الصعب استبدال العمالة المصرية، أو أية عمالة بغيرها. والعملية برمتها تقوم على حاجة الطرفين بعضهما لبعض وليس في الأمر منة أو تكرماً أو فضلاً! وبشكل عام ستستمر أية دولة، مهما كان اعتمادها على «الوافد»، في الاستمرار، وتنجز ضروريات الحياة حتى لو خرج «كل الوافدين» منها، وشهور احتلال الكويت السبعة على أيدي مجرمي صدام، خير دليل!

أما تهديده بسحبهم، فهو تهديد مضحك، وربما سيكون يوم السعد لدى الكثيرين رؤية أطباء ومهندسين غربيين وآسيويين يحلون محل غيرهم، فالإنتاجية ستكون حتما أفضل، وغالباً بالتكلفة نفسها!

ويقول الداعية وجدي غنيم إن له وللمسلمين جميعاً حقاً في بترول السعودية، ولا أرى من «سرب له هذه المعلومة»؟

أما الداعية الآخر صاحب الحصان الأبلج، الذي حرم على المسلمين دخول الكنائس، ثم نسى تحذيره ودخل إحداها في بريطانيا، فقد أضاف لسابق معجزات المجاهدين في أفغانستان، ما رآه شخصياً من خيالة يركبون أحصنة بيضاء يقاتلون مع ثوار سوريا، ثم لينتهي «الفيلم» بهزيمة الثوار! ولا أدري ما كان سيكون عليه مصير الثوار لو لم تتدخل «الملائكة» لصفهم؟

ويقول أستاذ تاريخ في جامعة الكويت، وغالباً لدواعٍ انتخابية، إن قبيلته دخلت معركة عام 1860 فوق آبار نفط برقان، وبالتالي لأفرادها حق في بترول الكويت وجنسيتها!

كل هؤلاء وآلاف غيرهم يعيشون معنا، ويمشون بيننا، ويؤثرون في ضعاف الفهم، وما أكثرهم، بيننا!

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى