نساء عربيات يتحدثن عن “السخرية من الجسد” بين الجمال والثراء والخصوبة
النشرة الدولية –
امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة بالحديث عن قضية السخرية من الجسد، وعن مدى انتشارها في الشرق الأوسط خاصة ضد النساء، بعد نشر مقال في مجلة إيكونوميست أثار ضجة واسعة.
وأثار تقرير المجلة عن السمنة في الدول العربية جدلا واسعا، بعد تضمنه صورة للممثلة العراقية، إيناس طالب، باعتبارها مثالا للجمال الذي تنشده النساء في المنطقة.
وانتقد كثيرون إرفاق صورة طالب بالتقرير، الذي جاء تحت عنوان “لماذا النساء أكثر سمنة من الرجال في العالم العربي”.
واستعرضت إيكونوميست تفسيرات محتملة للفجوة بين الرجال والنساء في الشرق الأوسط، واستشهدت بعراقيات يرون جسد طالب على أنه المثل الأعلى للجمال.
وأثار المقال انتقادات شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، ونددت به جماعات حقوقية محلية.
وقالت وكالة أسوشييتد برس، في تقرير بشأن قضية السخرية من الجسد، إنه بينما يقر المحللون بانتشار السمنة في الدول العربية وعلاقتها بالفقر والتمييز بين الجنسين، وفق ما ورد في تقرير المجلة، فإن حالة طالب وما تلاها من ضجة ألقت الضوء على قضية السخرية من الجسد التي تتجذر بعمق ولكن نادرا ما يتم مناقشتها في المنطقة.
وقالت طالب للمجلة: “إذا كانت هناك طالبة تذهب إلى المدرسة وتسمع تعليقات عنيفة وكان الطلاب يتنمرون عليها لكونها سمينة، فكيف ستشعر؟”.
وتقول أسوشيتد برس إن “السخرية من السمنة” أصبحت أمرا مشينا في الولايات المتحدة، لدرجة أنه عندما دعا معلقان رياضيان على الهواء بعض الرياضيات إلى خفض أوزانهن تم فصلهما بسرعة.
وكان تقرير المجلة أشار إلى أن أحد أسباب زيادة الوزن للنساء في المنطقة هو تفضيل العديد من الرجال النساء ممتلئات الجسم.
لكن رد الفعل الغاضب على المقال “يتناقض مع الاعتقاد المتكرر بأن الوزن الثقيل يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه علامة على الثراء والخصوبة في المنطقة”، وفق أسوشيتد برس.
وأظهرت الأبحاث أن المثل العليا للجمال الغربي التي انتشرت في العالم، من خلال العلامات التجارية والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، أدت منذ فترة طويلة إلى ظهور معايير جسد غير واقعية، غيرت توقعات النساء عن أنفسهن والآخرين في المنطقة.
وفي دراسة عن مصر، قال جوان كوستا فونت من كلية لندن للاقتصاد إنه وجد أن زيادة الوزن ليست علامة على الجمال.. المعايير الغربية أكثر صلة بالموضوع”.
كما تشير البيانات إلى زيادة الطلب على الجراحة التجميلية في لبنان.
وأفادت حوالي 75 في المئة من الطالبات الإماراتيات بعدم الرضا عن أجسادهن، وفقا لدراسة أجريت عام 2010 في جامعة زايد بدبي.
ورغم ذلك، يقول عديدون إن السخرية من السمنة لاتزال منتشرة ومقبولة في المنطقة، مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا.
جمانة حداد، الكاتبة اللبنانية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، قالت: “الساسة في لبنان يواصلون الإدلاء بهذه التعليقات الفظيعة والمتحيزة جنسيا عن أجساد النساء. إذا أصبحن تحت مرمى النيران، فهذا لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة الوعي”.
وأضافت أن التعليقات العامة المتعجرفة عن الوزن مؤلمة للغاية للشابات اللواتي يعانين من انعدام الأمان والإرادة لتغيير أجسادهن سعيا وراء الجمال.
وقالت حداد: “أنا أبلغ من العمر 51 عاما ومناصرة نسائية صارمة وغاضبة ومازلت أزن نفسي كل صباح.. يمكنك أن تتخيل مدى صعوبة الأمر على الأشخاص الأقل حظا”.
أماني السيبي، وهي أول عارضة أزياء تونسية لديها زيادة في الوزن، قالت إن الكويتيات والسعوديات لديهن زيادة في الوزن، “لكن الناس يخجلون… نحتاج دائما أن نكون نحيفات، وأن يبدو شكلنا جيدا، وأن نتزوج من أقوى رجل”.
وقالت الصحفية العراقية، منار الزبيدي، إن السخرية من السمنة في المنطقة ليست أمرا مفاجئا في عالم “تقوم فيه معظم وسائل الإعلام بتسليع المرأة وتحويلها إلى سخرية أو إغراء”. وأضافت: “لا يوجد ما يمنعهم” باستثناء “الحملات والتحديات المتزايدة على وسائل التواصل الاجتماعي”.
لكنها قالت إن هناك علامات على تنامي الوعي، إذ أنه بعد سنوات من تجاهل التعليقات المبتذلة عن أجساد النساء، تتجه النساء بشكل متزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنفيس عن غضبهن.
وتقول أسوشيتد برس إن النساء في المنطقة يرون أن المواقف التقليدية والتشريعات التمييزية والتفاوت في الأجور، بالإضافة إلى معايير الجمال الصارمة، تعيق تقدمهن.
زينة طارق، مديرة مؤسسة “هي”، التي تتخذ من بغداد مقرا لها وتدافع عن حقوق المرأة في الإعلام، قالت إن النساء “لا يحصلن على رواتب متساوية، ولا مناصب رفيعة. إنهن مجبرات على التزام الصمت عند تعرضهن للمضايقة”.