(بقايا غضب)

شمم الجبوري/العراق

النشرة الدولية –

تسرقني هنيهات الذكرى، تعبث بتراكيب سكينتي، تُطبق على خافقي بقبضة من وجع..

هذا المساء حاولت أن أخطف شيئاً من البهجة المزيفة،أعطيت نفسي بعضاً من حرية السنونوات..فراحت تجوب زوايا ذاكرة الانكسار في ذلك الركن المخبأ المظلم المغبر العفن..

صاح مزمجراً لا يأبه أن يصل صوته مشارق الأرض ومغاربها، قائلاً: أين أنتِ أيتها الغبية، لن أرحمك اليوم..

ضرب باب الغرفة بقوة، واقفاً يلهث والشرر يتطاير من عينيه، عاقداً حاجبيه والعرق يتصبب من جبينه..

فززت..نهضتُ من سريري وأنا أرتعد خوفاً من أن يعيد الكرة ويضربني، فجسمي مازال مزرق بكدمات وجروح بسبب نوبات غضبه ..

صرخ بغضب:اليوم سأشرب من دمك، قلتُ لكِ لا تفتحي الباب لأي شخص يطرقه..

رغم أني لم أفهم لماذا،  لكنني أجبته وأسناني تصطك ببعض:إنه والدك أراد رؤية حفيده..

راقبته خوفاً حين فتح الخزانة، بعثر الملابس هنا وهناك باحثاً عن شيء يضربني به، وقعت يده على مسدس كان قد أخفاه في علبة معدنية لم أجرؤ في يوم أن أفتحها،سحب الزناد موجهاً المسدس نحوي ويداه ترتعشان من شدة الغضب، لم أتمالك نفسي، بكيت بتوسل، أريد أن افهم بماذا أخطأت..صرخ قائلاً: كيف عرف أنني ضربتك أنتِ والولد؟ لماذا شكوتِ له؟

وعلى بكاء ولدنا الذي كان يراقب الموقف بهلع خلف الباب أنتبهت، ينشج ويرتعد وقد تبول على نفسه، قال: جدي سألني عن كدمات رآها في جسدي حين حملني وأرتفع قميصي قليلاً..

هرعت إليه متناسية غضب زوجي والمسدس المصوب نحوي..إلتقطت ولدي وأحتضنته وخبأته بين ذراعي، ألصقت رأسه على صدري، كنت كمن يريد أن يلغي الماضي والحاضر عن عينيه وذاكرته..قلبه الصغير كان ينبض في فؤادي..يداه الناعمتين تمسكان ذراعي بقوة..

صرخ بأعلى صوته، توقفي وألا قتلتك..إلتفتُ إليه وأنا أحتضن ولدي وصرخت: كفى، أغرب عن وجهي أيها المريض،

لم أكمل استدارتي حين سمعت صوت تلك الرصاصة… الرصاصة التي قتلت حياتي كلها ولم تميتني الى الأبد

بل تركتني ميتة على قيد الحياة..

لا زالت رائحة الدم بأنف ذاكرتي وعلى أهدابي وفي كل أجزاء جسدي تخنق روحي وتقتلني في اللحظة ألف مرة وأكثر..

 

زر الذهاب إلى الأعلى