أسماك القرش تُلهم الفاسدين
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تُجيد الاسماك السباحة منذ يومها الأول وبالذات سمك القرش الذي يتعلم الافتراس والصيد مع أول جولة بحرية يقوم بها،فسمك القرش الصغير تلميذ نجيب في مدارس القرش الكبير، ليغدوا منافساً لهم في الصيد واقتناص الاسماك الضعيفة، لنجد أن القرش بصورتيه السمكية والمالية هو المُلهم الأول للعديد من الفاسدين المُفسدين، فيبادروا لتعليم أبنائهم طرق الفساد منذ نعومة أظفارهم ليتتلمذوا في مدرسة الفساد، لينجحوا بالفساد ويدرسوا في الجامعات بالفساد ويحصلوا على الوظائف العليا بالفساد، ليصبح لديهم الفساد تراكمي كأنهم أسماك قرش قد كبرت وأصبحت خطيرة على غيرها من حيوانات البحر، فيما الفاسدون يشكلون خطورة على الشعب والوطن.

فبعض البشر يولدون مبدعون في السباحة كما قالت كريستين سوانسون: “بعض الناس سباحون وهم يولدون للسباحة، إنهم مثل الأسماك في الماء”، فيما الحيوانات لا تتعلم السباحة إلا بعد أن تصل المياة إلى اذنيها، لذا فمن الأفضل أن نسير على طريقة بوب ديلان حين قال: “من الأفضل أن تبدأ في السباحة، أو ستغرق مثل الحجر، لأن الوقت يتغير”، وبالتالي على الإنسان أن يجتهد في المسير حتى يصل لهدفه كما قالت كاثي هوبكنز: ” لا تنتظر وصول سفينتك، اسبح إليها”، وحتى نصل للأهداف في هذا العالم المليء بالفساد علينا ارتداء ثوب التحدي بالسباحة عكس التيار حتى ننجز شيء لهذا المجتمع وإلا سينطبق علينا مقولة غريب فريدمان: “أنت لا تنجز الكثير من خلال السباحة مع التيار الرئيسي، فسمكة ميتة يمكنها فعل ذلك”، لذا فان تطبيق المثل الشعبي ” خط راسك بين الروس” يعني موت الفرد رغم أنه يمشي.

وندرك ان القرش الموجود في البحار والمُدن لن يسمح للاسماك الصغيرة أن تكبر وسيطاردها بكل قوة وعنف، لأن القرش أينما يتواجد يدرك أن السمكة القوية وحدها قادرة على السباحة عكس التيار، ليفرض قرش المدن والدول قوانين جديدة لتعلم السباحة “الفساد” حفاظاً على سطوتهم وقوتهم بتطبيق ما قاله لو ريد: “ربطوا ذراعيه خلف ظهره ليعلموه السباحة”، فهل من الممكن لمقيد اليدين أن يُجيد السباحة وهل يمكن لمواطن مغروس بالديون حتى رأسه أن يحلم بالوصول لأعالي القمم باختراق جدران الصمت والسير عكس تيار المجتمع الداعم للفاسدين ويلعن الفساد.!!!

لذا فنجن مجتمع ينطبق علينا ما قاله ريتشارد بول: ” يا لها من ثقافة نعيش فيها، نحن نسبح في محيط من المعلومات، ونغرق في الجهل”، فجميعنا ضد الفساد لكننا نرافق الفاسدين ونصداقهم ونُلبي دعواتهم ونجعلهم يتوسطون لنا، ثم ندعي بأننا نريد محاربة الفساد، ولا نعلم وقتها بأنه “يمكن للمحيط أن يبتلعك، حتى عندما يمكنك السباحة” كما قال بينيت ماديسون، لذا فان الفساد قادر على ابتلاعنا ونهب بلادنا وخيراتنا ونحن نصرخ ونصدح بأننا نحارب الفساد ونسير في هذه الحرب عرايا دون سلاح، لنجد أننا نغرق رويداً رويداً في محيط الفاسدين، فنحن كما قال جورج موريس: “نحن نقدر في العالم أولئك الذين لا يستحقون تقديرنا، ونهمل الأشخاص ذوي القيمة الحقيقية، لكن العالم مثل المحيط، اللؤلؤ في أعماقه، والأعشاب البحرية تسبح”، فنبتعد عن الشرفاء ونرفض دعمهم ونصبح عبيد أو رصاص في سلاح الفاسدين.

لقد كان على الرجال الابطال الذين يبحثون عن الخير للأوطان أن يسيروا ويسبحوا عكس التيار، وعليهم أن يتذكروا مقولة فيل ماكجرو:”خذها من رجل: إذا كنت تحب وطناً أو شخصًا ما ، فستسبح في التيار، وستتسلق الجبل، وستقتل التنين، سوف تحصل عليها بطريقة ما”، فمن يسبحون ضد التيار يعرفون قوتهم الحقيقة كما قال “وودرو ويلسون”، ومن يريد الوصول للمصدر عليه السباحة عكس التيار حسب “ستانيسلاف ليك”، وخلال السباحة الصعبة يجب تذكر كلمات د. كاران إم باي: “تعد السباحة ضد الأمواج مهمة مستحيلة دائمًا ، ولكن إذا تمكنت من القيام بذلك ، فستصل إلى الشاطئ حيث لم يفكر أحد في ذلك”، وإذا لم نفعل ذلك ونجذف عكس التيار ونبحث عن الحقائق في المصدر، سنكون جزء من الفساد أو شيطان أخرس يُشاهد التجاوزات ويصمت عنها إما خوف نابع من الجبن أو رغبة في مصلحة مستقبلية، لنصبح جزء من الفساد والجهل والتجهيل لسمك صغير.

زر الذهاب إلى الأعلى