هل بدأت المرحلة الانتقالية الثالثة؟
بقلم: أ.د. غانم النجار
النشرة الدولية –
معالم اللحظة الحالية التي نعيشها، هي معالم مرحلة انتقالية، تقطع العلاقة مع ممارسات انتخابية حكومية زادت على 55 عاماً، أي منذ 1967.
الإجراءات التي تم التعهد بها في الطريق للانتخابات، ليست كاملة، وبها أخطاء، أغلبها ناتج عن محاولة الخروج السريع من تركة ثقيلة، في التعامل مع الانتخابات. وتلك الأخطاء مفهومة ومتوقعة، في خضم انسداد سياسي مزمن.
كانت أولى المراحل الانتقالية، بعد الاستقلال مباشرة، باتخاذ القرار بالمضي قدماً في التحول من «الإمارة إلى الدولة»، وتضمنت بناء مؤسسات وبنية قانونية، وانتخاب مجلس تأسيسي، وصدور دستور، ثم انتخابات نيابية.
ولم يطل بنا الوقت حتى بدأت المرحلة الانتقالية الثانية بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم، في نوفمبر 1965، بإصدار قوانين مناقضة للدستور، واستقالة 8 نواب احتجاجاً عليها، وحل المجلس البلدي، لتبديد ميزانية التثمين. ثم التزوير المباشر للمجلس الثاني 1967، ومنذ ذلك الحين صار التدخل في الانتخابات أمراً اعتيادياً. وقد استهدفت تلك الحقبة، إعادة بنية اتخاذ القرار وتحييد الدستور، وقد استمرت مدة طويلة بين كر وفر منذ 1966 وحتى قبيل الخطاب الأخير لسمو ولي العهد في يونيو 2022، والذي تصادف تاريخياً مع خطاب رئيس الوزراء ولي العهد الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، سنة 1970، والذي كان محاولة لإعادة الأمور إلى جادة الدستور، إلا أنها لم يكتب لها الاستمرار. تلك الحقبة الطويلة أنهكت المجتمع، بخلافات داخل الأسرة وخارجها. وكان أوضح وقائعها حل المجلس خارج نطاق الدستور في 1976 و1986، انطلاقاً من أن الدستور لم يعد صالحاً، وأن الحكم الفردي أفضل، وهي الحالة التي نتجت عنها حالة الانسداد السياسي المزمن، وأسبابه كثيرة متعددة تتحملها السلطة بالدرجة الأولى ورغبتها في الانفراد بالقرار، كما يتحملها أفراد ومجاميع ظاهرة سياسياً يتشدقون بالدستور علناً ويعملون ضده في كل الأوقات.
أما المرحلة الانتقالية الثالثة فهي التي بدأت تحديداً بخطاب مشترك غير مسبوق لسمو الأمير وسمو ولي العهد في 23 يونيو 2022، والذي كان إعلاناً واضحاً للقطيعة مع الماضي، للخروج من حالة الانسداد السياسي إلى عالم يكون للسياسة فيه معنى. وبالطبع تشير المؤشرات إلى جدية التوجه، وقابليته للقياس، وتحديده بجدول زمني للحكم على مصداقيته، الأمر الذي خلق حالة من التفاؤل على المستوى الشعبي، والتي بالإمكان توظيفها في الانتقال إلى إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وإنساني حقيقي، فإن كانت هذه هي الرؤية فإن الأخطاء تصبح مجرد تفاصيل، حتى لو وصل الأمر إلى إبطال المجلس مثلاً.