مقتدى الصدر يبحث عن استعادة شرعية وعن بديل لمرشده الروحي الحائري
النشرة الدولية –
يسعى التيار الصدري الذي أظهر قدرة عالية على تحريك الشارع وتوجيه أنصاره حيثما يشاء في المعركة السياسية الدائرة مع خصومه من القوى الشيعية الأخرى المنضوية تحت ما يسمى ‘الإطار التنسيقي’، للبحث عن بديل لمرشده الروحي كاظم الحائري الذي تسبب اعتزاله في ما يمكن تسميته بـ”نزع الشرعية الدينية” عن زعيم التيار مقتدى الصدر.
وأضعف اعتزال الحائري على ما يبدو التيار الصدري، رغم أن الصدر كان قد أشار في تغريدات سابقة إلى أن هذا الأمر لا يؤثر على موقع تياره في المكون العراقي عموما والشيعي خاصة.
وسلط تقرير نشره موقع ‘ميدل ايست اي’ البريطاني الضوء على توجه التيار الصدري للبحث عن بديل للحائري بشرط أن يكون مرجعا عراقيا غير موال لإيران.
وفي سياق أكبر وأوسع من تحركات الصدريين، خرج الصراع بين مرجعية قم ومرجعية النجف في الفترة الماضية من السرية إلى العلنية وهو أمر يبدو شديد التعقيد في ظل حالة التداخل والتشابك بين المرجعيتين وعلى ضوء انقسامات في صفوف الشيعية بين الموالاة لإيران والولاء للعراق.
واعتبر التقرير البريطاني أن إيران ارتكبت خطأ فادحا باستمرارها في الضغط على التيار الصدري من أجل إعادته لبيت الطاعة ودفعه للانضمام لإطارها التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية الموالية لها.
وكانت طهران قد أوفدت العديد من كبار مسؤوليها بعد الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي ضمن جهود إعادة ترتيب البيت الشيعي العراقي وحل الخلافات بين التيار الصدري والقوى الموالية لها.
ومن بين من زاروا بغداد والحنانة مقر الصدر في النجف سريا وعلانية قائد فيلق القدس الجنرال اسماعيل قاآني والرئيس السابق لجهاز المخابرات التابع للحرس الثوري حسين طائب، لكن جهودهما فشلت في احتواء الصدر.
ورجح تقرير ميدل ايست اي تقاربا بين التيار الصدري ونشطاء ‘ثورة تشرين’ وكان الصدر قد دعاهم للانضمام لاعتصام أنصاره السابق في البرلمان ومحيطه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن إيران تسعى لترويض الزعيم الشيعي النافذ وقد بذلت جهودا كبيرة في هذا الاتجاه لمنع الصدريين من إحداث اختلال في توازن القوة السياسية بين حلفائها وذلك عبر نزع الشرعية عن الصدر.
وكان التقرير البريطاني يشير إلى اعتزال الحائري كمدخل لإضعاف زعيم التيار الصدري واصفا الخطوات الإيرانية بأنها تعتبر الأكثر خطورة “من خلال جهود منسقة لترويض التيار الصدري داخل الحظيرة الشيعية من خلال نزع الشرعية عن الصدر”.
وذكّر التقرير الذي ترجمته ‘وكالة شفق نيوز الكردية’ بتوقيت إعلان آية الله كاظم الحائري المقيم في إيران، اعتزاله أو تقاعده، وهو الذي كان الوصي الروحي للصدريين بناء على وصية من والد مقتدى الصدر الذي اغتيل في العام 1999.
وأوضح أن الصدر خسر بإعلان الحائري اعتزاله التفويض الديني الذي كان قد منحه إياه وبالتالي يكون قد رفع عنه غطاء الأهلية لقيادة الصدريين، مضيفا أن “الحركات الشيعية الإسلامية تحتاج إلى تفويض ديني يمنحه عادة آية الله العظمى، للانخراط في الشؤون السياسة”.
واعتبر أن اعتزال الحائري شكل “ضربة قاصمة” للصدر لكن الأخير أبدى عنادا وصمودا بالذهاب أبعد مما توقعه خصومه في تحدي إيران بانسحاب كتلته من البرلمان وإعلان اعتزاله العمل السياسي، ما فجر فوضى ووضع العراق على حافة صدام مسلح بين الشيعة وهي خطوة لا ترغب فيها طهران.
ولفت التقرير إلى أن الصدر رغم إعلانه اعتزال السياسة نجح في العودة للظهور من خلال الاحتجاجات والاعتصامات التي نفذها أنصاره في المنطقة الخضراء وأثبت حجم نفوذه وقدرته على إعادة الهدوء للعراق من خلال دعوة أنصاره للانسحاب في غضون ساعة من دعوته.
وبحسب المصدر ذاته فإن “المعركة الأوسع لم تنته بعد وأن الوضع حاليا تمثل بهدنة هشة، كانت سهلة جزئيا بسبب اقتراب موسم الحج السنوي إلى كربلاء” لإحياء المراسم السنوية لأربعينية الحسين.
واعتبر التقرير البريطاني أن “المهمة الأكثر أهمية هي استعادة الشرعية الدينية للحركة السياسية وزعيمها”، مضيفا نقلا عن مصادر مقربة من التيار الصدري أن هناك محادثات داخلية تجري حول اختيار مرجع ديني للتيار وأن التركيز ينصب على اختيار “اية الله” شيعي آخر لا يكون ولاؤه لإيران وأن يكون مقيما في العراق لا طهران وذلك من أجل الحصول على التفويض الديني المطلوب لزعامة التيار الصدري.