اندلاع مواجهات بعد وفاة إيرانية أثناء احتجازها بسبب الحجاب

النشرة الدولية –

لليوم الثاني تتواصل الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية على خلفية وفاة فتاة احتجزت من قبل شرطة الآداب بسبب طريقة ارتدائها للحجاب، مما أثار غضبا شعبيا وتساؤلات بشأن مدى قدرة السلطات على مواجهة الاحتجاجات المتكررة التي باتت “تقوض النظام”، وفقا لمراقبين.

واندلعت احتجاجات في عدة أحياء في طهران، ليل الجمعة، بعد إعلان وفاة الشابة، حيث هتفت الحشود “الموت للديكتاتور” و “الموت لخامنئي” ، في إشارة إلى المرشد الأعلى لإيران، وفقا لمقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، الجمعة،  أن الرئيس إبراهيم رئيسي طلب فتح تحقيق في وفاة شابة خلال احتجازها من قبل السلطات.

وتوفيت مهسا أميني بعد دخولها في غيبوبة إثر اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق التي تطبق القواعد الصارمة الخاصة بارتداء الحجاب، في حادثة أشعلت احتجاجات الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع يوم الجمعة.

وفي الشهور الماضية حث نشطاء حقوقيون النساء على المجاهرة بخلع الحجاب، فيما يعرضهن لخطر القبض عليهن بتهمة تحدي قواعد الزي الإسلامي في وقت تشدد فيه السلطات الدينية حملة على ما تسميه “السلوك غير الأخلاقي”.

وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أمثلة على ما يبدو أنها إجراءات شديدة الوطأة اتخذتها وحدات شرطة الأخلاق ضد النساء اللائي خلعن الحجاب.

والسبت تواصلت الاحتجاجات في غرب إيران خلال جنازة الشابة في حين استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وظهر المحتجون في مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرددون هتافات مناوئة للحكومة بعد أن جاءوا من المدن المجاورة وتجمعوا في مدينة سقز الكردية مسقط رأس أميني.

وظهر رجل واحد على الأقل مصابا في رأسه في مقطع مصور حيث أمكن سماع شخص آخر يقول إنها إصابة بالخرطوش.

ويؤكد الباحث في الشأن الإيراني حسن راضي الأحوازي أن “الاحتجاجات لا تزال مستمرة في طهران وسقز، حيث تطورت إلى تمزيق صور خامنئي وهتافات ضده وضد الديكتاتورية”.

ويقول الأحوازي لموقع “الحرة” أن “قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي ضد المحتجين، مما تسبب بسقوط 15 جريحا، حالة اثنين منهما حرجة”.

ويضيف الأحوازي أن “جميع المؤشرات تتوقع استمرار الاحتجاجات وتصاعدها في الأيام المقبلة، خاصة وأن الأحزاب الكردية المؤثرة في المنطقة دعت جميعها إلى الخروج في احتجاجات واعتصامات الاثنين المقبل”.

وكانت أميني في زيارة إلى طهران مع عائلتها عندما أوقفتها الأربعاء وحدة الشرطة المكلفة فرض قواعد اللباس الصارمة على النساء بما في ذلك الحجاب.

وقال التلفزيون الإيراني الرسمي الجمعة عن مهسا، “للأسف ماتت ونقلت جثتها إلى معهد الطب الشرعي”.

ونقلت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، بما في ذلك موقع “إيران وير” وصحيفة “شرق” عن أسرتها قولها إنها نُقلت إلى المستشفى في غيبوبة هذا الأسبوع بعد ساعات قليلة على اعتقالها وقد توفيت.

ولم يتضح فورا ما الذي حدث في الفترة بين وصول الشابة إلى مركز الشرطة ثم نقلها الى المستشفى. وأفادت قناة “تصوير 1500” التي تراقب الانتهاكات في إيران بأن الشابة تلقت ضربة على رأسها.

وأظهرت صورة ومقطع فيديو لأميني تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس، وهي مستلقية على سرير في المستشفى والدم ينزف من أذنها مع كدمات حول عينيها.

وقال العديد من الأطباء الإيرانيين على تويتر إنه على الرغم من عدم تمكنهم من الوصول إلى ملفها الطبي، إلا أن النزيف من الأذن يشير إلى إصابتها بارتجاج في الدماغ نتيجة إصابات في الرأس، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وأثارت وفاة أميني غضبا واسع النطاق بين العديد من الإيرانيين العاديين وكذلك بعض المسؤولين وكبار رجال الدين والمشاهير والرياضيين.

وأدان الكثيرون العنف الواضح ضد الفتاة وطالبوا أيضا بوضع حد لمضايقة النساء واحتجازهن لعدم التزامهن بقواعد الحجاب.

وكتب نائب الرئيس الإيراني السابق محمد علي أبطحي تغريدة على تويتر قال فيه إنه “حتى الادعاء بأن أميني أصيبت بجلطة دماغية يعد كافيا لجعل أجيال من الإيرانيين تكره الدين وتعاليمه”.

ونشر أسطورة كرة القدم الإيرانية وكابتن المنتخب الوطني السابق علي دائي صورة لأميني على صفحته على إنستغرام مع تعليق قال فيه: “ماذا فعلت (أميني) للبلد؟ ابنتي تسأل عما حدث، ماذا يمكنني أن أخبرها؟”.

وقال جيك سوليفان، مستشار للأمن القومي للرئيس جو بايدن، على تويتر، “يساورنا قلق عميق إزاء وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، التي أفادت التقارير بأنها تعرضت للضرب أثناء احتجازها على أيدي شرطة الأخلاق الإيرانية”.

وأضاف سوليفان أن “موتها لا يغتفر. وسنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين على مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان”.

وهذه ليست الحالة الأولى البارزة في إيران التي يتوفى فيها معتقل في ظروف مريبة، ففي 2012 توفي الناشط العمالي ستار بهشتي بعد تقديم شكوى رسمية تفيد بأنه تعرض للتعذيب في السجن.

وتوفيت المصورة الصحفية الكندية الإيرانية زهرة كاظمي في عام 2003 إثر ضربات على الرأس أثناء احتجازها لدى قوات الأمن.

ويرى محمد مجيد الأحوازي أنه “في الآونة الأخيرة دخلت النساء والفتيات الإيرانيات على خط المواجهة من خلال توسيع مطالبهن بالمزيد من الحريات الاجتماعية والمدنية ومنها مواجهة الحجاب الإجباري، مما دعا النظام الايراني إلى تصعيد قمعه واعتقالاته للنساء”.

ويبين الأحوازي أن “هناك تصادم بين النظام والنساء، وهذا يعد نقطة تحول لأنه غير مدفوع بدوافع سياسية، بل بدوافع اجتماعية تمثل أبسط الحقوق المدنية من خلال منع النساء من ارتداء الملابس التي يرونها مناسبة”.

ويتوقع الباحث الإيراني “استمرار مثل هكذا احتجاجات”، كما أن “استهدافها مباشرة لرأس النظام سيؤدي إلى اسقاط هيبة النظام ومكانته، خاصة في ظل الأنباء التي تتحدث عن تراجع صحة خامنئي مما سيشجع الناس على الخروج في الاحتجاجات ضد النظام”.

وتأتي وفاة أميني وسط جدل متنام داخل إيران وخارجها بشأن سلوك شرطة الأخلاق المعروفة باسم “دورية الإرشاد”.

ففي يوليو، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لامرأة تقف أمام إحدى عربات شرطة الأخلاق مطالبة بالإفراج عن ابنتها. وظلت المرأة المحجبة ممسكة بالمركبة حتى بعد انطلاقها قبل أن تُفلِتها بعد أن زادت سرعتها.

بعد الثورة الإسلامية عام 1979، ألزم القانون جميع النساء بغض النظر عن الجنسية أو المعتقد الديني بوضع حجاب يغطي الرأس والرقبة.

ولكن عددا من النساء تخلين عن الالتزام الصارم به خلال العقدين الماضيين وبدأن بالكشف عن خصل من شعرهن، خصوصا في طهران والمدن الكبرى.

ونشرت الناشطة الحقوقية الإيرانية، مسيح علي نجاد، مقطعا مصورا على تويتر مع تعليق قالت فيه إن “نساء سقز خلعن حجابهن احتجاجاً على مقتل أميني، والآن حان دورنا في جميع أنحاء إيران والعالم لإزالة رمز القهر وضرب رأس الديكتاتور”.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مدير مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك، هادي غائمي، القول إن “القمع اليوم، وخاصة ضد النساء، وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق لأن الدولة خائفة من الشابات ومطالبهن بالتغيير”.

زر الذهاب إلى الأعلى