لم نفهم ما حدث في 11 سبتمبر 2001
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

يبدو أن الإدارة الأميركية لا تتعلم من أخطاء سابقاتها، فالذكرى العشرون لهجمات 11 سبتمبر 2001 تزامنت مع حدثين بالغي التأثير والمعنى:

 

أولاً: عادت «طالبان» لحكم أفغانستان وهي العدو المفترض والتي بسببها كانت الحرب.

 

ثانيا: إدارة جو بايدن ترى أن «الإرهاب الداخلي» يشكل أكبر تهديد لها، وهو ما يتناقض كلية مع شعار «الحرب على الإرهاب الإسلامي» والذي أصابه النسيان وأصبح من الماضي!

 

إن مصطلح «الحرب على الإرهاب» والمولود أثناء حقبة الرئيس جورج بوش الابن وهيمنة المحافظين الجدد على مفاصل الإدارة، لم يبق منه أثر سوى الاسم أو استحضاره في المناسبات.

 

تخيلوا معي أنه بعد 21 سنة من بداية «الحرب على الإرهاب» تتوَّج هذه الحرب بانتصار طالبان والانسحاب المهين من كابول، بالرغم من قتل ومطاردة قياديين من تنظيم «القاعدة» و«داعش»، بدءاً من بن لادن وانتهاء بالظواهري، فهذه الحركات لم تمت باغتيال الأشخاص ولا أنهت إرهاب الحركات الأصولية.

 

أميركا قادت العالم في «حربها ضد الإرهاب» وجعلته بين محورين، محور الشر ومحور الخير والذي انطلق من واشنطن ليسقط في أفغانستان أولاً ثم في العراق ثانياً، ناهيك عن التحالفات المريبة التي أقامتها وكانت من السقطات المخيبة للآمال ولا تستوي مع قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان التي تدَّعيها وتتبناها وتروج لها.

 

محللون استراتيجيون يعتقدون أن القوة العسكرية لأميركا تتآكل وأن اللجوء للطائرات المسيرة (الدرون) لن يغطي على الانسحابات التي أخرجتها من معادلة التوازنات الدولية خاصة في الشرق الأوسط.

 

أوباما حاول تعويم حكمه بالإعلان عن قتل بن لادن وترامب فعل الشيء نفسه عندما خرج على الفضائيات يزف بشرى قتل البغدادي، كذلك الرئيس بايدن بقتل الظواهري، لكن تلك العمليات كانت أشبه باستعراضات هوليودية دون أن تقترب من جوهر الأزمات والمشاكل التي تنخر في عدد من الدول المصدرة أو الحاضنة للإرهاب!

 

اهتزت الثقة، بل تضاءلت بقيادة أميركا ومصداقيتها تجاه حلفائها بعد سلسلة من التراجعات والانتكاسات، ولعل الخلاصة التي توصل إليها الكاتب الفرنسي «غوي سورمان» في مقالة له نشرتها مجلة le point هو ما يستدعي وضعها في أولويات المراجعات، يقول «إننا ما زلنا لم نفهم ما حدث في 11 سبتمبر 2001 ولم نتوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة»، الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها الإدارة الأميركية في حينه اعتماد استراتيجية القوة، والعمل على إعادة دول إسلامية لتتماشى مع النموذج الليبرالي والنظام الديموقراطي، واليوم وبعد 21 سنة لم يتحقق شيء من تلك الاستراتيجية ولم تصبح بلدان مثل أفغانستان أو العراق أو سورية أو اليمن أو النيجر «ديموقراطية ليبرالية»، ولم يتم القضاء على «الإرهاب الإسلامي».

 

هناك مفكرون آخرون أمثال الكاتب الفرنسي يطرحون سؤالين مهمين، لماذا الخلط بين الإرهاب والإسلاموية؟ ولماذا يستمر الغرب في دعم قادة ودول ذات أنظمة استبدادية وفاسدة؟ انظروا تزايد العنصرية في المجتمعات الغربية تجاه «الأجانب» من غير المواطنين الأصليين.

 

ربما كانت مجلة «فورين بوليسي» من المنابر التي طالبت بإعادة صياغة السياسة الأميركية قبل سنة من الآن، بعدما غيرت علاقتها بالعالم العربي، وكان هذا التغيير قائما على أمن الطاقة والمصالح المشتركة والحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل وجعلها معنية بمكافحة الإرهاب الإسلامي.

 

وبحسب الكاتبة «مينا العريبي» فواشنطن لم تتعلم من أخطاء العقود الماضية، فخطر الجماعات المتطرفة ما زال قائما.

 

صحيح أن قيادة أميركا للعالم لم تقترب من نهايتها لكن الخصوم الكبار باتوا أقرب الآن لحجز مقاعدهم في إدارة النزاعات العالمية وتبوء مراكز الصدارة من حيث ما يمتلكونه من مصادر للقوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية.

زر الذهاب إلى الأعلى