نظام الكفيل ومصلحة الكويت
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

إعادة النظر بنظام الكفيل باتت مصلحة وطنية في المقام الأول، بعدما انتفت الحاجة إلى «وسيط» أو «كفيل» بوجود الدولة ومؤسساتها الرسمية، والتي بمقدورها وضع التشريعات والقوانين ذات الصلة بالعمالة الأجنبية وكل متطلباتها، كما تفعل العديد من بلدان العالم.

جمعتني جلسة خاصة مع بعض الأصدقاء ومن جنسيات عربية مختلفة استقروا منذ زمن في الكويت، راحوا يستذكرون رحلة العمر، انبرى أحدهم ليوجه سؤاله إلى أحد الإخوة الكويتيين والذي نرتبط معه بصداقة حميمة وتاريخية قال: «مضى على وجودي هنا أكثر من خمسين سنة، وسجلي نظيف والحمدلله، وعندي إيراد مالي يكفيني وعائلتي، هل من المعقول أن أعامل كأنني اليوم مثل أي عامل وافد عليه أن يذهب كل سنة لتجديد الإقامة وتحت رحمة كفيل تتبدل أهواؤه ومزاجه ومصالحه على حسابي؟»، لم يكن أحد من الحضور لديه الجواب الشافي، وراح كل منهم يدلي بدلوه ليفتحوا باباً من النقاش وينطلقوا من نقطة واحدة حول «نظام الكفيل» تخدم سمعة ومصالح واسم الكويت وهي ماذا يضر الكويت كدولة إذا ما أقدمت على إلغاء هذا النظام، طالما أن عدداً من دول مجلس التعاون خطت إلى الأمام مسافات متقدمة، وإن كانت ما زالت تفرض بعض القيود على حركة هذه العمالة؟ السؤال المنطقي هو: ما الفوائد التي ستجنيها من وراء هذه الخطوة؟

الموضوع أعادني إلى ما دعا إليه الزميل والأكاديمي المتخصص بشؤون الفكر الإسلامي والشريعة د. عبدالحميد الأنصاري بقراءة كتاب «تاريخ العبيد في الخليج العربي» للزميل د. هشام العوضي، من أجل استيعاب آلية التغيير، بكيفية تجاوز نظام الرق وتطبيقها على تجاوز نظام الكفيل، والواقع أن المقارنة تلحظ فقط قدرة المجتمع على التغيير بصرف النظر عن «الموضوع»، وإن كان الفضل يعود إلى الإنكليز بتحرير العبيد قبل 150 عاماً بوصفهم السلطة الحاكمة والناهية، والتي فرضت جملة من القيود على تلك التجارة حتى قضت عليها تماماً.

أول دولة خليجية أسقطت نظام الكفيل هي البحرين عام 2009 وبات بإمكان العامل الانتقال إلى آخر دون إذن من رب العمل، واستبدلت الكفالة «بتراخيص عمل» ثم توالت عمليات الإلغاء لكن بتدرج وليس بشكل كلي وكامل، من قبل الإمارات وقطر وأخيراً المملكة العربية السعودية وهي بدورها أنشأت ما يسمى مبادرة تحسين العلاقات التعاقدية مستثنية خمس مهن.

المهم أن هذا التوجه قائم وقد يحتاج إلى وقت لطي الملف «سيئ السمعة» والذي جلب الكثير من المساوئ والخطايا، والاستغلال البشع وسوء المعاملة والاتجار بالبشر والتحكم في حياة هؤلاء وبطريقة تعسفية جعلت تلك الممارسات على قائمة جداول منظمات حقوق الإنسان الدولية.

أيا كانت الصيغة الجديدة التي حلت مكان «نظام الكفالة» سيكون من المفيد تعداد الفوائد والمزايا التي ستجنيها الدولة من وراء إلغاء هذا النظام وهي على الشكل التالي:

1- يزيد قدرة الإنتاج ويشجع الاستثمار الأجنبي.

2- يجذب العمالة الكفؤة والمدربة التي ستنعكس إيجاباً على الأداء العام لقطاعات الدولة الحكومية والخاصة وتزيد إنتاجية تلك العمالة.

3- يخفض معدل البطالة بين مواطني أبناء البلد وتعطيه الأفضلية بالتوظيف.

4- سيقضي على المساوئ التي تسبب بها نظام الكفالة، من حجز جوازات العاملين إلى تقييد حركتهم، إلى إيقاف كل أنواع الإساءات التي كانت تحصل، وتقليص القضايا العمالية التي تزدحم بها المحاكم وعددها بالآلاف.

5- القضاء التام على السوق السوداء لبيع التأشيرات وعدم سماع عبارة «أنا أسفرك».

إعادة النظر بنظام الكفيل باتت مصلحة وطنية في المقام الأول، بعدما انتفت الحاجة إلى «وسيط» أو «كفيل» بوجود الدولة ومؤسساتها الرسمية والتي بمقدورها وضع التشريعات والقوانين ذات الصلة بالعمالة الأجنبية وكل متطلباتها، كما تفعل العديد من بلدان العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى