قلوب الفلسطينين لا يهزمها الموت..والله مولانا ولا مولى لكم
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
كلمات ينطق بها المسلمون وقت الشدة واللجوء إلى الله: “الله مولانا ولا مولى لكم”، وسر هذه الكلمات أنها تأتي مع القهر وتكالب الأمم على المسلمين وبعدها يأتي الفرج والنصر المبين، نعم نقولها ونرددها: الله مولانا، هذه الكلمات خرجت من بين شفاه والد الشهيدين عبدالرحمن ورعد حازم شهداء جنين حين علم بشهادة ابنه عبدالرحمن، ليرتقي إلى السماء العُليا كأطهر وأنقى ما يكون، مقبلا كأخيه غير مدبر، مجاهدين في سبيل الله، كلمات قالها في لحظات تهد الجبال من صعوبة الموقف، لكنه من الرجال الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، قالها وهز العالم، قالها وأوجع الخونة، قالها ملتجئا إلى ركن عظيم قال: “هدموا بيوتي، وقتلوا أبنائي ولكنهم ليسوا بقتلى، والله مولانا ولا مولى لهم، ونحتسب أولادنا عنده شهداء، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا”.
أي رجل هذا وأي قلب يحمل بين ضلوعه ليقدم ولديه شهيدين لله وهما يذودان عن أرض فلسطين؟؟ تلك الأرض التي قدمها العالم بمباركة عربية إسلامية للصهاينة وحالياً برضى فلسطيني مهين سمعناه في الأمم المتحدة، تلك الأرض المباركة التي فيها خير الرجال وصفوة الأبطال ما أن يرتقي منهم شهيد إلا ويولد مكانه عشرة، وما إن يرتقى على رقاب الشعب عميل إلا وظهر مقابله ألف وطني، فهذه فلسطين أرض القتل والموت ما احتلها غازٍ إلا ذل، وما تآمر عليها مسلم وعربي إلا طالته الإهانة حياً وميتاً، وما انتصر لها قوم إلا أعزهم الله، فتلك فلسطين طريق السماء ودرب الجنان فكيف يغفل عنها الجهلاء، هي فلسطين دُرّة الأرض وترابها خير تراب لأنه مجبول بدماء الأنبياء والصالحين والمجاهدين والشهداء، هذه فلسطين فمن لم يكن بحجمها سيبدو كالذرّ مهما علا وارتفع شأنه.
قالها والد الشهيدين: “الله مولانا”، نعم الله مولانا وهو حسبنا وإليه نلجأ في الصعاب، وهو ناصرنا ولو بعد حين، وهو مخزٍ عدوه ولو بعد حين أيضاً، نعم ، هي كلمات يرددها كل فلسطيني وشريف في هذه الأمة التي طأطأت رأسها حتى داسته بأقدامها، فالأمة من شرقها لغربها تحولت إلى ملاعب للصهاينة يجوبونها متى شاؤوا وكيفما أرادوا ويسيرون بأمان، لكنهم في فلسطين ينظرون حولهم حيث الموت يطاردهم بعد أن سرقوا الأرض وقتلوا الشعب، فأصبحت السماء تُطاردهم والأرض تلعنهم ولم يتبقَ لهم إلا حبل الناس يشد من أزرهم، والعار كل العار أن جدائل هذا الحبل عربية ومن جدله عرب.
لن تسقط فلسطين ولن تكون مستعمرة ولن يكون شعبها العظيم هنودا حمرا في كتب التاريخ، سيظلون رجالاً تتباهى بهم الكُتب ويتتلمذ على سيرتهم الأطفال فينمو أبطال، لن تسقط فلسطين لو تآمر عليها الكون، ولو زارها سراً وجهراً ألف خائن، وحتى إن حكم أمرها عميل، لن تسقط لأنها نهاية الكون وطريق النصر وتحرير الفكر والإنسان، لن تسقط لأن ذاك الطفل المهجر في آخر بقاع العالم يهتف حين يصحو: “صباح الخير يا فلسطين”، وحين يخلد إلى مضجعه يستقبلها ويخاطبها: “سنعود بعد الغفوة”.
آخر الكلام:
قالها محمود درويش وستبقى خالدة في الوجدان: “خذوا حصتكم من دمنا وارحلوا”، وسنظل نحن والموت رفقاء نُطاردكم حتى آخر الزمن، وستظل أرواح الشهداء عبدالرحمن حازم وأحمد نظمي علاونة ومحمد ألونه و محمد أبو ناعسة تطاردكم، وتدركون كما ندرك أن قضاء الله لا مرد له، وتعلمون نهايتكم الموعودة.