كرمهم وكرمنا.. وعتاب خفيف!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
من مظاهر التحضر الطريقة التي يبدي فيها الفرد كرمه واستعداده لمساعدة الغير، وحبه لعمل الخير.
الكرم في مجتمعاتنا غالبا ما يترجم من خلال الولائم، ربما تأثرا بسنوات الجوع التي عاشتها المنطقة. كما يرتبط عمل الخير لدينا بالرغبة في تحقيق غاية أو الحصول على أجر، ونادرا ما يكون فعل الخير للخير فقط!
من واقع تجربة طويلة وصادقة، أجزم بأن المجتمعات الغربية أكثر صدقا في تبرعاتها وأكثر كرما منا، وأكثر عقلانية، ومن مظاهر هذا الكرم ما تبرع به الملياردير بل غيتس ومن بعده وارن بوفيت وغيرهما من مليارات الدولارات لأعمال الخير، مستهدفين القضاء على الفقر والأمية في الدول الفقيرة، والصرف على اكتشاف أمصال للأوبئة والأمراض، دون انتظار أية مكافأة من أحد.
كما أعلن الملياردير إيفون شوينارد Yvon Chouinard صاحب شركة بتاجونيا مؤخراً عن نقل ملكيتها إلى هيكل خاص تكون فيه الأرض هي المالكة للشركة التي يقدر ثمنها بثلاثة مليارات دولار، وسيذهب %98 من أرباحها السنوية إلى مكافحة أزمات تغيُّر المناخ.
يعتبر شوينارد، شخصية غير عادية، فقد حول شغفه بتسلق الصخور إلى واحدة من أكثر العلامات التجارية للملابس الرياضية نجاحًا في العالم، وأقدم على فعلته، وهو يبلغ الـ83 من العمر بالاتفاق مع زوجته وأولاده الذين يشاركونه حبهم للأرض وخوفهم على مستقبلها.
صمم هيكل الشركة بحيث لا يمكن بيعها لأي كائن كان، وهدفها استخدام ما تحققه من ثروة لحماية مصدر الثروة. فبدلاً من استغلال الموارد الطبيعية لتحقيق عائدات للمساهمين، فإنهم قلبوا رأسمالية المساهمين رأساً على عقب من خلال جعل الأرض المستفيد الوحيد!
***
ومن مظاهر الكرم الجميلة متحف إيوجين آرياس Eugenio Arias وهو الحلاق الذي التقى الفنان العالمي بيكاسو في جنوبي فرنسا عام 1948 عندما كانا هاربين من الحكم الفاشي في وطنهما، أسبانيا. عمل آرياس حلاقاً لبيكاسو طوال 25 عاماً، ولم يكن يتقاضى منه شيئاً، ونشأت بين الاثنين صداقة، وكان الفنان يهديه بعض لوحاته.
بعد أن مات بيكاسو، كواحد من أعظم رسامي القرن، رفض آرياس كل عروض بيع لوحاته، واختار حفظها، في مبادرة إنكار ذات نادرة، في متحف في قريته الصغيرة القريبة من مدريد، ليستفيد الأهالي من زيارة الملايين للقرية.
***
تأسست جمعية الصداقة الإنسانية الكويتية، قبل 4 سنوات، وكرَّست كل جهودها لمساعدة المرضى والمعوزين، خاصة في مجال التعليم، بصرف النظر عن جنسية المحتاج ولونه ودينه وعرقه، وحققت إنجازات جيدة، خاصة خلال فترة كورونا، ولا تزال، واحتفظت بسجل عمل نظيف، ونالت احترام جهات عدة، وتميزت عن غيرها بحرصها على نشر أسماء المتبرعين لها (بعد أخذ موافقتهم) ونشر ميزانياتها على موقعها، وإصرارها على الشفافية في أعمالها، وعدم استقطاع مجلس إدارتها شيئاً لنفسه من مبالغ التبرعات، ولا توظيف أقاربهم فيها، إضافة لحقيقة أن كبار مؤسسي الجمعية هم كبار المتبرعين لها، ومع كل هذا لا تحظى الجمعية إلا بتبرعات كريمة من«قلة قليلة» فقط من أهل الخير، فغالبية تبرعات المؤسسات والأهالي تتجه إلى جهات وجمعيات تابعة لأحزاب دينية لا تتمتع غالبيتها بما تتمتع به جمعية الصداقة الإنسانية من مزايا وشفافية.
نتمنى أن نرى قريباً تغيراً إيجابياً لمصلحة التبرع لجمعية الصداقة الكويتية الإنسانية.