“طبخة الترسيم” استوت في نيويورك وهذه تفاصيلها… هل يُنهي عون عهده بترداد مقولته الشهيرة مدعوماً من المقاومة؟
بقلم: جويل بو يونس

النشرة الدولية –

الديار –

فيما كان الجميع متشائما حيال امكان انجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”اسرائيل” قبل نهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي شارف على دخوله شهره الاخير، كان بعض المعنيين بالملف يصرون على ان الامور ستذهب في نهاية المطاف لحل يصب اولا بمصلحة لبنان، وفي مقدمهم المعنيين بالملف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ، وكانت مواقف الرئيس عون تكرر عند كل مناسبة وبثقة تامة بان الترسيم سينجز لما فيه مصلحة لبنان.

وبالفعل ، اذا لم تطرأ اية مفاجآت عكسية، تقول اوساط مطلعة، فنحن على قاب قوسين من تحقيق هذا الانجاز التاريخي للبنان ، وتضيف : “نحن في الامتار الاخيرة، والشياطين باتت صغيرة”!

وبالانتظار، توجهت الانظار امس الى بعبدا، حيث عقد بداية الاجتماع الفني التقني للوفد المعني بالملف، قبل ان يتحول الاجتماع الى سياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مع انضمام اللجنة الفنية التقنية للحاضرين، والذي خرج بعده بري مجيبا ردا على سؤال للصحافيين ب :”قمحة انشالله”، ليتبعه بوصعب فيصرح من على منبر بعبدا بكلام ايضا ايجابي ، معلنا انه غدا ( اي اليوم ) على ابعد تقدير سيكون الرد اللبناني جاهزا على مسودة الوسيط الاميركي، املا في اخذ جواب نهائي من هوكشتين قبل نهاية الاسبوع الحالي، ومشددا على الموقف اللبناني الموحد كما كان دوما.

فكيف انقلب مشهد الترسيم من السلبية الى الايجابية؟ اوساط بارزة تكشف حكاية الترسيم بمختلف مطباتها وصولا لاجتماع بعبدا امس ، فتشير الى ان الامور بدأت تأخذ منحى آخر ايجابيا ما ان انعقد الاجتماع الموسع للمرة الاولى في بعبدا وخرج بموقف موحد، كان هو الاساس في ابرازه امام الوسيط الاميركي، اعقب ذلك زيارة الساعات الثلاثة للوسيط هوكشتاين الى بيروت، والتي اكد خلالها انه سيرسل فور زيارته “اسرائيل” مقترح مسودة الاتفاق خطيا، تلا ذلك ارسال هوكشتاين للاحداثيات الى لبنان.

هنا كادت الامور ، بحسب ما تروي الاوساط، ان تتعقد من جديد الا ان دخول بوصعب على الخط متمنيا على الوسيط الاميركي عدم ارسال مسودة الاتفاق النهائية خطيا والتريث، لان للبنان ملاحظات جوهرية لم تكن قد اخذت بالحسبان، فدخل الطرفان بجولة تفاوض جديدة كان نجم مقرها هذه المرة نيويورك لا بيروت، حيث اجتمع بوصعب مع هوكشتاين وكذلك فعل ميقاتي.

هناك على الاراضي الاميركية ، تقول الاوساط ، طبخ الحل المنتظر بعد العمل على تذليل العقبات، فانتهى التفاوض الاميركي – اللبناني الى حل الاشكالية التي كانت برزت فيما لو كان هوكشتاين قد ارسل ما اتفق عليه كما هو خطيا وقبل مفاوضات نيويورك، فعمد هوكشتاين عندها الى ارسال مسودة المقترح الشبه نهائية لقراءتها واعطاء الملاحظات الاخيرة عليها وهذا ما حصل، فكانت اولى النتائج الايجابية اجتماع في بعبدا امس، اولا بين الفريق التقني والفني وممثل عن الجيش اللبناني، حيث اخضعت المسودة لتدقيق مفصل انتهى بحسب ما تؤكد المعلومات بمسودة موحدة لملاحظات الجانب اللبناني على مسودة الوسيط الاميركي تم عرضها بعدها خلال الاجتماع الموسع للرؤساء الثلاثة مع الفريق التقني في بعبدا، حيث اجاب اعضاء اللجنة التقنية الفنية على استفسارات من قبل الرؤساء على بعض النقاط التي تمت معالجتها.

فانتهى الاجتماع بالاتفاق على وضع تقرير موحد، وتحضير الرد الذي سيقوم بوصعب بصياغته على مسودة هوكشتاين خلال 24 ساعة على ان يدرسها هوكشتاين بعدها، واذا كانت كلها مقبولة فيرسل عندها الورقة النهائية التي ستكون صالحة لتحظى “بالنعم النهائية” من قبل لبنان، وتكون الامور عندها قد بلغت فعلا خواتيمها.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر متابعة بان بوصعب انكب منذ لحظة خروجه من بعبدا على صياغة الملاحظات الموحدة للرؤساء الثلاثة واللجنة التقنية لتكون جاهزة في الساعات القليلة المقبلة، على ان يعرضها قبل ارسالها لهوكشتاين على الرؤساء الثلاثة.

وتتابع المصادر بانه في حال سارت الامور كما هو مخطط لها، فيفترض ان يتم تحديد تاريخ الاجتماع المرتقب في الناقورة، اما اواخر الاسبوع الحالي او اوائل الاسبوع المقبل، حيث يوقع لبنان على الورقة الخاصة به والتي تتضمن مطالبه، فما يوقع “الاسرائيلي” على ورقته الخاصة على ان ترسل لاحقا الى الامم المتحدة .

بالانتظار ، تؤكد مصادر مطلعة على جو رئيس الجمهورية ، بان الرئيس عون مرتاح لمسار المفاوضات ولما آلت اليه الامور، وهو يحرص على انجاز الامور سريعا لما فيه مصلحة لبنان اولا.

وفيما اكتفت اوساط مطلعة على جو اللواء ابراهيم بالقول: بان الجو الدقيق هو الذي نقله بوصعب من بعبدا من دون زيادة اية كلمة اخرى، اشارت مصادر مطلعة على جو بوصعب الى ان الجو ايجابي والشياطين باتت صغيرة ، مشددة على ان ما يحصل ليس بمعاهدة ولا باتفاق، انما مسودة مقترح لانجاز الترسيم لما فيه مصلحة الطرفين ولبنان اولا.

واكدت اوساط بوصعب بان الموقف اللبناني الموحد كان عاملا اساسيا لانجاح التفاوض، املة ان تصل الامور قريبا لخواتيمها السعيدة.

هذا على الجبهة اللبنانية، اما على الجبهة “الاسرائيلية” حيث يسود الارباك والتناقض بالمواقف على ابواب انتخابات وشيكة، فكشفت اوساط بارزة عن معطيات تفيد بان كل ما سرب بالاعلام في الساعات الماضية عن معارضة “اسرائيلية” لما تم التوصل له بملف الترسيم مع لبنان ليست الا من باب المزايدات الانتخابية، لان الحكومة “الاسرائيلية” تدرك بان المصلحة العامة هي بانجاز الاتفاق تختم الاوساط.

فهل يحمل “هوا تشرين” “الرياح” المطلوبة لترسيم بحري طال انتظاره لسنوات، وعرقل مرات عدة قبل ان يرسو على برّ ثنائية”هوكشتاين -بوصعب” بمهمة تذليل العقبات، فيختم الرئيس ميشال عون العهد الذي حاول الجميع منعه من تحقيق اي انجاز، بالانجاز الاصعب والذي سيسطّره التاريخ للاجيال المقبلة، فيغادر بعبدا مطمئنا ومنتصرا ومرددا مقولته الشهيرة :” يستطيع العالم ان يسحقني لكنه لن يأخذ توقيعي… الا على الترسيم؟! مدعوما بمعادلة جيش وشعب ومقاومة اثبتت قوتها، وانها حاجة ضرورية واحد ابرز عناصر قوة لبنان لانجاز الترسيم المطلوب!

على اي حال من انتظر سنوات طوال لن يصعب عليه انتظار 7 ايام على ابعد تقدير، فهل تنتهي الامور بقمحة كما قال بري او تعود القمحة فتتحول بسحر الشياطين والتفاصيل لشعيرة تقلب الامور رأسا على عقب؟ العين على خطوط “هوكشتاين- بوصعب”!

زر الذهاب إلى الأعلى