“الحزب” والحكومة: هل فقد مونته على الحلفاء؟
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية

نداء الوطن –

بين وجهتَي نظر متباعدتين يتابع «”حزب الله”» مساعيه الحكومية من دون أن يقطع الأمل بولادة الحكومة لكنه لا ينفي أن الأوضاع متعثرة ووجهات النظر متباعدة للغاية

ليس من عادة «حزب الله» ان يعبّر عن استيائه جراء دور يقوم به. لكن لو قدر له ان يتحدث لعبّر عن كبير امتعاضه جراء تعاطي المعنيين بالشأن الحكومي وتخلفهم عن الاتفاق على تشكيلها قبيل 31 تشرين الاول الجاري. رغم الرسائل المباشرة وغير المباشرة والمواقف التي تدعو الى تشكيل الحكومة ورغبة الامين العام السيد حسن نصر الله الا ان مساعي «حزب الله» لا تزال تصطدم بعراقيل وشروط مستجدة. كلما تجاوز عقدة برزت ثانية. بين حليف يمون ورئيس حكومة يراه «حزب الله» افضل الممكن يواصل مساعيه لكن بلا جدوى. الى المربع الاول عاد البحث في الشأن الحكومي. لا يزال باسيل على موقفه باستبدال كل الوزراء المسيحيين في الحكومة واختيار البديل عنهم بنفسه بينما يعتبر ميقاتي ان تغييره ستة وزراء الى جانب تغيير وزير شيعي وآخر سني وثالث درزي يعني تشكيل حكومة جديدة تقريباً والعبث بتوازنات لا يريد ميقاتي المس بها مع ما يرافقها من خلاف على بيان وزاري وثقة داخل مجلس النواب. يخشى ميقاتي من القواعد المستجدة في حال تغيير حكومي واسع. يتمسك هو ايضا بسقف الوزراء الاربعة الواجب تغييرهم. وبين الستة وزراء او الاربعة، لـ»حزب الله» وجهة نظر بلغت مسامع ميقاتي مفادها ان لا ضير اذا استبدل باسيل ستة وزراء طالما هم في الاساس يحتسبون من حصته في الحكومة الحالية. ومن خارج «حزب الله» جاء من يهمس لميقاتي بضرورة التنبه لان حضور باسيل بهذا الحجم في الحكومة من شأنه ان يعزز مواقع نفوذه ويصبح فريقه متشدداً داخل الحكومة في مواجهة فريق رئيس الحكومة.

يؤكد المعنيون ان لا حكومة هذا الاسبوع وانه لن يكون هناك اتفاق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية على الوزراء. واذ ترفض مصادر التيار الوطني الحر الحديث عن عرقلة سببها رئيس التيار جبران باسيل تؤكد من ناحيتها أن اساس الخلاف رفض ميقاتي مقاربة عون للحكومة والقائمة على عدم تغييب نتائج الانتخابات النيابية في الحكومة وتمثيل القوى النيابية لتأمين الثقة لها داخل البرلمان. وتقول المصادر، يدرك ميقاتي رؤية عون الحكومية جيداً واذا كان هناك من تجاوب فهو يعلم طريق بعبدا المباشر وسيجد ابوابها مشرعة امامه.

وبين وجهتي نظر متباعدتين يتابع «حزب الله» مساعيه الحكومية من دون ان يقطع الامل بولادة الحكومة لكنه لا ينفي ان الاوضاع متعثرة ووجهات النظر متباعدة للغاية. فقرب انتهاء ولاية عون يجعله في عجلة من امره لانجاز الاستحقاق الرئاسي لكن لا حول ولا قوة طالما ان كلا الطرفين لا يركنان الى نصيحته. سبق لتدخله ان نجح في المرات السابقة. فأقنع باسيل بالتراجع عن مطلب اضافة ستة وزراء دولة الى الحكومة، ثم اقنعه بتغيير اربعة وزراء لكن استجدت رغبة رئيس المجلس بتغيير وزير المالية وتيار المردة بتغيير وزير الاتصالات، كما نجح بثنيه عن ورقة الشروط التي اعدها وكانت عبارة عن سلة تعيينات شاملة لان مثل هذه التعيينات تقرّ مع بداية العهد وليس في نهايته.

يتشدد باسيل ازاء مطلبه استبدال ستة وزراء ليحاسب تياره في الحكومة ويعتبر ان تمثيله بهذا الحجم طبيعي وبديهي مستغرباً كيف ان حق الجميع التمثيل بمحسوبين مباشرة عليهم يجوز لغيره ويُحرّم عليه، بينما يرفض ميقاتي الرضوخ لمثل هذا المطلب حتى ولو تأخر تشكيل الحكومة. قد ينطبق على باسيل توصيف النكد السياسي في تعاطيه مع الرئيس المكلف. عرف مكانه فتدلل وهو يعرف ان موقفه يحرج «حزب الله» ايضا كما يحرجه رفض ميقاتي ملاقاة باسيل الى منتصف الطريق.

الامل ضعيف لكنه موجود وما على الثنائي الا مواصلة السعي. بعد انتهاء اجتماع بعبدا المتعلق بالترسيم تمنى بري على الرئيسين الاتفاق على الحكومة وتسريع الخطوات لتشكيلها. جاء ذلك بعد ان تبلغ ميقاتي المطلب الجديد لباسيل او لعون بتبديل ستة وزراء فاعتبر ان الامور سلكت نهجاً جديداً ومختلفاً ما يستوجب التمهل.

التيار من جهته يقول ان المساعي متوقفة حالياً ربما لانشغال الجميع بالترسيم في انتظار ما سيصدر عن الجانب الاسرائيلي من موقف حيال الاتفاق الذي قدمه الجانب الاميركي لكن في مجمل الاحوال لا يبدو انه سيظهر مرونة او استعداداً للتراجع عن ضمان مواقع نفوذ له في الحكومة بعد نهاية عهد عون. كل القصة ان ميقاتي يعتبر ان باسيل ينتهي بنهاية العهد فليغادر معه بينما باسيل يريد تثبيت مواقعه استباقاً لنهاية العهد وليعزز حضوره في ظل الفراغ الرئاسي.

زر الذهاب إلى الأعلى