(قصة قصيرة) حلم غاف

No description available.

فوز حمزة

النشرة الدولية –

حينما رأيته لأول مرة؛ خيم السكون من حولي، حدثني قلبي، ثمة شيء بشغف كبير سيحدث؛ فهذا المتجلي ببقايا الشمس وهي تغيب، العالق بآخر خيوط الضوء، سيكون موعد الحلم الغافي تحت وسادتي. لوحت له بيد ترتجف؛ فتملكني الشعور أنه نصف الله الثاني، والذي به سأكتمل كما أقرته لي الطبيعة.

امتد إليه هذا الشعور؛ فالتقينا عند زاوية التبديد للوحشة وغربة الروح، من عتمة الليالي شاع الضوء،

بينما نحن نحاول الاقتراب، ارتجت الأرض، أحدثت شقًا بيننا، تهاوت الثمار، وغادرت العصافير أوكارها.

وقفنا متسمرين وقد اعتلى الخوف هامتنا.

الخوف: ذلك الشبح الذي يطاردني كلما تنفس الحلم تحت قلبي، تحت يدي.

ناداني وحشاشة اليأس تملأ صوته:

–   رئة الصباح، ما قولكِ في ذهابنا إلى ساحات الله، نحكي له، ليرزقنا غيمة من الرحمة.

–   أوافقكَ الرأي يا أنفاس الحلم.

–   إذن، هيا لنتبع ضوء الأمل ونشق به كثافة الضباب.

رغم المسافة التي تفصلنا، إلا إن خيطًا أحمر امتد ليربط بين قلبينا، كل طرف فيه يلهمنا الاطمئنان،  ويدب السكينة في روحينا.

استمع الله إلينا ..

وعطر غريب انتشر في كل زاوية من تلك الساحات المهيبة، المفعمة بالسحر، والدهشة.

رحنا نروي حكايتنا ..

الله كان يعلم قبل الآن، فهو من قدّر لنا هذا اللقاء، وقد عَلِم سر الارتباط بيننا، هو من وضع جذوة الحب، حيث ألقت بها ملائكته داخل دهاليز أرواحنا.

أشفق الله بنا لكنه، أخبرنا باستحالة اللقاء.

هطلتْ دموعي كرذاذ المطر، وأنا أصغي لحديث الله، فلا شيء يقوى على تغييره.

لكن الرحمة يمكن لها أن تحل في أية لحظة؛ فهو إله الرحمة، وهو يرى أسانا، ولوعتنا.

رقَّ الله لحالنا، فأخبرنا برأفة:

سأدلكم على طريق اللحظات التي فيها تلتقي الأرواح؛ فتتلألأ بعدها النجوم،  ليعتلي الحب وجودكما في الزمن الآتي الذي يكرر نفسه ولا يتكرر، أرشدكما لزمان اللقاء ومكانه، ثم أشار إلى حدائق النور الممتدة حتى آخر مرمى  للبصر.

بدأ الوقت في التأرجح لحظة اختفى فيها أنفاس الحلم، ورئة الصباح.

حل السكون فوق المكان .. فوق الزمان .. فوق الليل .. فوق النهر .. فتجلى الفكر والمعنى.  تنهدتْ الطبيعة، وتنفستْ الأحلام.

إنه الضوء الأخضر لالتقاء الروح بالجسد ليشكلا معًا نبع الأسطورة.

وأنا اتوضأ بالنور قلت له:

–   إنه وليدنا الفجر، ابن الشغف .. ابن الليل ..  في سكون عينيه صخب اللقاء، و فوق شفتيه تتناسل الحروف.

أجابني وهو يمسك بيدي، بينما الحب يشع من عينيه كخشوع مؤمن:

–  أنا فيكِ، توشحي بالنور يا قلب الحلم الغافي،  يا فم القصيدة التي لم تكتب بعد.

ونحن نتلاشى داخل بعضنا، واعدنا الزمن على لقاء آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى