“الكوليرا” يحلّ ضيفاً ثقيلاً على لبنان.. والوضع تحت السيطرة “حتى الآن”

النشرة الدولية –

الديار – شانتال عاصي –

وكأنّ القدر يأبى أن يرتاح لبنان قليلاً من همومه، فكلّ يومٍ تطلّ كارثة جديدة برإسها لتثقل كاهل المواطن اللبناني الذي بات لا حول له ولا قوّة. وها هي “الكوليرا” تحلّ ضيفاً ثقيلاً على لبنان، لتفاقم من أزماته الصحية والإقتصادية المتتالية. بحسب النائب وأخصائي الامراض المعدية عبد الرحمن البزري، إنّ الكوليرا هو مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث، يتسبَّب في الإصابة بإسهال وجفاف شديد. وإذا لم يتم علاجه، فإنّه يمكن أن يكون قاتلاً خلال ساعات، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء سابقًا. تم القضاء فعليًّا على الكوليرا في البلدان الصناعية بواسطة الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه.

وبالرغم من كل التقدم المحرز في الأبحاث، ما زال هذا المرض يشكل تحديا للطب الحديث. وتعدّ النظافة عنصرا مهما للوقاية منه إضافة الى اللقاح المضاد.

 

نظرة تاريخية

يعدّ مرض الكوليرا من الأمراض الغارقة في القدم، إذ تأثرت به الشعوب في شتى أنحاء العالم طيلة التاريخ.

وقد انتشر وباء الكوليرا شرقا في عام 1852، في اندونيسيا، ولاحقا الصين واليابان في عام 1854. وقد انتشرت العدوى في الفلبين في عام 1858 وفي كوريا الجنوبية في عام 1859. وفي عام 1859، تفشّى المرض مرة أخرى في ولاية البنغال مما أدّى إلى انتقال المرض إلى إيران، العراق، السعودية وروسيا.

هذا وكانت نسبة الوفاة بمرض الكوليرا قبل تطوير أنظمة فعالة لتعويض السوائل والأملاح أكثر من 50 بالمئة. وتزيد هذه النسبة عند الحوامل والأطفال. وتنخفض نسبة الوفاة في حال توفر سبل حقن السوائل عن طريق الوريد. وتبلغ نسبة الوفاة الآن في أوروبا والأميركتين حوالي 1 في المئة.

الكوليرا في لبنان

أعلنت وزارة الصحة هذا الأسبوع عن تسجيل أول حالة إصابة بالكوليرا في البلاد منذ عام 1993. وتم تسجيل الحالة يوم الأربعاء الماضي، في محافظة عكار بشمال البلاد، حيث يتلقى المريض العلاج وحالته حتى الآن مستقرة.

وأشار “البزري ” إلى أن هناك حالة ثانية مصابة بالكوليرا في لبنان فضلاً عن الحالات المشكوك بها.

أما عن سبل المعالجة، فقال “البزري” أن علاج الكوليرا قائم على تعويض السوائل والأملاح التي خسرها المريض جرّاء الإسهال، عن طريق الأمصال، كما تعطى في بعض الحالات المضادات الحيوية سواء بالعلاج، أو حتى للوقاية من الإصابة بالمرض.

وتجدر الإشارة إلى أن التشخيص الدقيق لا يشكل شرطا لعلاج مرضى الكوليرا، لأن الأولوية في علاج أي اسهال شديد هي تعويض السوائل والأملاح المفقودة وإعطاء المضاد الحيوي المناسب عند الحاجة.

أعراض الإصابة بالكوليرا

تمتد فترة حضانة المرض من يومين الى 5 أيام، إليكم أبرز الأعراض:

– الإسهال: يحدث الإسهال الناتج عن الكوليرا فجأةً وقد يسبِّب فقدانًا كبيرًا لسوائل الجسم.

– الغثيان والقيء: يحدث القيء في المراحل الأولى من الكوليرا ويمكن أن يدوم لساعات.

– الجفاف: يحدث الجفاف بعد ساعات من ظهور أعراض الكوليرا وتتراوح حدته من بسيط لحاد. فقدان 10% أو أكثر من وزن الجسم يعني حدوث جفاف حاد.

من مؤشرات وأعراض الجفاف بسبب الكوليرا الإرهاق، وغور العينين، وجفاف الفم، والعطش الشديد، وجفاف الجلد قلة التبوُّل أو انعدامه، انخفاض ضغط الدم، واضطراب ضربات القلب.

الفئات الأكثر تأثّراً

بحسب “البزري”، ان المسنّين والأطفال من الفئات الأكثر تأثّراً بمرض الكوليرا، فالإسهال القوي يؤدي إلى جفاف أجسامهم من السوائل التي يصعب عليها تحمّله.

وبحسب البزري، إن كيفية معالجة الكوليرا واحتوائها أمر سهل، لكن تساءل: هل إمكانيات البنية الصحية في البلد بإمكانها استيعاب وضع صحي كهذا؟ وهل المستشفيات قادرة على استيعاب العدد الكبير من المرضى في حال تفشّى المرض على صعيد لبنان؟

لكن في الوقت الحالي، لفت “البزري” إلى أن الوضع تحت السيطرة وهناك تعاون بين خبراء الأمراض الجرثومية ووزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، فيمكن تصنيف الوضع بأنّه وضع “مراقبة وترقّب وتدخّل سريع” في بعض المناطق، وهناك ضرورة إلى الترصد الوبائي الجدّي.

الأبيض يتوقّع ارتفاعًا بحالات الكوليرا

توقّع وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن يشهد لبنان ارتفاعاً بحالات الكوليرا بسبب التفشّي في سوريا، مشددا على أنّ الأدوية متوافرة واللقاح مرتبط بوضع الحالات في البلد.

وأشار إلى أن الوزارة تتعاون مع النقابات خصوصا الاطباء والممرضين من اجل اجراء دورات تدريبية للعاملين الصحيين للوصول الى الجهوزية الكاملة في حال ارتفاع اعداد حالات الكوليرا.

زر الذهاب إلى الأعلى