ما هي دلالات حراك السفير السعودي بلبنان في هذا التوقيت؟
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية
لبنان 24 –
كان لافتاً حراك السفير السعودي وليد البخاري من خلال جولاته على القيادات اللبنانية لا سيما أنه أتى بعد إنهاء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، والدعوة التي كانت قد بدأت سويسرا بتنظيمها لبعض الشخصيات البارزة بهدف إحياء الحوار الوطني بين كل المكونات السياسية الممثلة في لبنان.
فما هي دلالات حراك البخاري في هذا التوقيت؟
تعمل المملكة العربية السعودية منذ مُدّة على اعادة تنظيم استراتيجيتها السياسية تجاه لبنان. إذ إنّ الانكفاء الكبير الذي انتهجتهُ منذ العام 2016 بُعيد الانتخابات النيابية، لم يبقَ على نفس الوتيرة، بل تراجع بشكل ملحوظ حتى أعادت السعودية عملية انخراط محدودة في الساحة اللبنانية وتحديداً في الشأن السياسي حيث كثّفت اتصالاتها بالمعنيين في الداخل اللبناني واستعادت علاقات سابقة مع بعض القوى السياسية.
احدى أهم القواعد والأسس التي تعمل وفقها المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة هي الانفتاح على مُختلف الاطراف الاساسية في لبنان باستثناء “حزب الله”، إذ تسعى الرياض الى ترتيب علاقات واسعة مع القوى السياسية عموماً ومع الشخصيات السنّية على وجه التحديد التي تتوافق او حتى تختلف معها في السياسة. وهذا دليل على رغبة الرياض بإعادة فتح جسور مع القوى المعنية بهدف دراسة الواقع السياسي الحالي بعد تطوراته الاخيرة.
مما لا شكّ فيه أن إنهاء المفاوضات حول ملف الترسيم البحري وظهور بوادر الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المدى المتوسط في لبنان، دفع المملكة الى تسريع خطواتها واستعادة دورها وتعزيز حضورها مجدداً في الحياة السياسية اللبنانية، بنسبة محددة، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي الى منع الذهاب نحو تطوير النظام اللبناني او تغييره بما يتعارض مع مصالح المملكة في لبنان.
ولعلّ الحراك المفاجىء والرشيق والتصريحات العلنية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في لبنان بعد الدعوة لحوار جُنيف، دلالة على أن ما تقوم به الرياض يندرج تحت عنوان كبير هو “اتفاق الطائف”، إذ إنها تقطع الطريق على أي تصعيد سياسي قد يؤدي الى تعديله بشكل جذري أو الانقلاب عليه من قِبل بعض القوى السياسية المستفيدة من الانهيار الحاصل. لذلك فإن المملكة استجمعت نفوذها في الساحة المحلية لتمنع تفرّد بعض الأفرقاء بالقرار السياسي في لبنان.
في المحصلة، من المُتوقّع أن يستمر الحراك السعودي الذي بدأ السفير السعودي بتطبيقه، اضافة الى خطوات اخرى سياسية واعلامية وعلى مستوى سياسي قد يكون اعلى في المراحل المتقدمة تجعل من المملكة حاضرة بقوة في الواقع اللبناني وقادرة على استعادة حيويتها التي كانت تتمتع بها قبل سنوات.