القوى السياسية السُنية تشكك بقدرة رئيس الوزراء العراقي على الإيفاء بتعهداته

النشرة الدولية –

تشكك أوساط سنية عراقية في قدرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تنفيذ تعهداته للكتل السنية بشأن إلغاء هيئة “المساءلة والعدالة” التي كان يطلق عليها سابقا هيئة “اجتثاث البعث”، بعد تشكيل حكومته.

وتلفت الأوساط إلى أن السوداني لا يمكنه تجاوز الحزام الشيعي الذي يدعمه، والذي يعارض بشدة الاقتراب من هذه الهيئة، حيث تمثل بالنسبة إلى هذا الحزام (الإطار التنسيقي) إحدى الأوراق المهمة في ابتزاز خصومه.

اتفاق بين الكتل السياسية السنية (السيادة والعزم) ورئيس الوزراء المكلف على حل هيئة المساءلة والعدالة بعد تشكيل حكومته

وتقول الأوساط نفسها إن السوداني الذي أظهر حتى الآن ضعفا كبيرا في إدارة عملية تشكيل الحكومة، بسبب عدم امتلاكه لسلطة القرار، من غير الوارد أن ينجح في تنفيذ تعهداته بشأن حل الهيئة، حيث أن المسألة تتجاوزه.

وكشف قيادي بارز في تحالف “السيادة” عن اتفاق بين “الكتل السياسية السنية (السيادة والعزم) ورئيس الوزراء المكلف خلال مفاوضات تشكيل الحكومة على حل هيئة المساءلة والعدالة بعد تشكيل حكومته”.

وأوضح القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة شفق نيوز العراقية أن “السوداني وعد بحل المساءلة والعدالة بعد أربعة أشهر من تشكيل حكومته وتحويل هذا الملف إلى الجهات القضائية لمنع استغلاله للتصفيات السياسية”، لافتا إلى أن “هذا الأمر كان أبرز مطالب الكتل السنية خلال التفاوض مع السوداني”.

وأُنشئت “الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة” واسمها سابقًا “هيئة اجتثاث البعث” بقانون صادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأميركي بول بريمر بتاريخ السادس عشر أبريل 2003 لاجتثاث هيكل حزب “البعث” في العراق “وإزالة قيادته في مواقع السلطة”.

وتم منحها صبغة دستورية من خلال المادة السابعة من الدستور العراقي الذي وضع عام 2005. وتنص هذه المادة على أنه “يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون”.

ولطالما أثارت الهيئة سخط شريحة واسعة من السنُة الذين يعتبرونها بمثابة وسيلة تستخدمها الأغلبية الشيعية لإقصائهم من المناصب الرفيعة والسياسية في الدولة، واللجوء إليها كنوع من أنواع الانتقام من نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

وسعت القوى السياسية السُنية مرارًا لإلغاء الهيئة، لكنها كانت تصطدم دائمًا برفض القوى السياسية الشيعية الموالية لإيران.

سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأميركي بول بريمر أنشئت عام 2003 الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة لاجتثاث هيكل حزب البعث في العراق وإزالة قيادته في مواقع السلطة

وكانت وظيفة الهيئة توفير معلومات تكشف عن هوية “البعثيين” من ذوي درجات عضوية محددة (عضو فرقة فما فوق) ليتم فصلهم من مرافق الدولة. فتم وفقًا لذلك حل الجيش وطرد الآلاف من المدرسين والموظفين من وظائفهم وحرمان المشمولين من تولي الوظائف الحكومية.

وفي عام 2008 جرى تعديل القانون بضغوط من الولايات المتحدة التي كانت تحتل العراق آنذاك، من خلال قانون يحمل اسم “المساءلة والعدالة”، لتخفيف القيود المفروضة على المشمولين.

وبموجب القانون المعدل، يُحظر على المشمولين (عضو فرقة فما فوق) تقلّد منصب مدير عام فما فوق وإحالة أصحاب الوظائف الرفيعة منهم إلى التقاعد.

وخلال السنوات الماضية تسببت هيئة المساءلة والعدالة في استبعاد المئات من المرشحين للانتخابات.

وينص الدستور العراقي على أن إلغاء قانون اجتثاث البعث وحل الهيئة الخاصة به يكون بأغلبية عدد أعضاء البرلمان.

ويرى مراقبون أن السوداني وكحل للإفلات من تعهداته، قد يلجأ إلى طرح مشروع لإلغاء الهيئة على البرلمان، لتكون بذلك الكرة في ملعب القوى السياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى