ملاحظات اولية عن توقعات الانتخابات الامريكية الجزئية
بقلم: عبدالرحمن الامين
النشرة الدولية –
هذه الانتخابات الفصلية ذات أهمية غير مسبوقة منذ ان تأسست هذه الجمهورية في 1776…
وبرغم ان النتائح المبدئية حتي ساعة متأخرة ناهضت كل التوقعات الماضية بامكانية حدوث سونامي جمهوري يذهب برئاسة بايدن ، بيد ان الخوف لا يزال قائما من حدوث خلخلة في هيكل للمؤسسات حتي ولو سيطر الجمهوريون بأقلية صغيرة علي الكونغرس.
الحقيقة الماثلة تعزز القناعة ان الديموقراطية الامريكية بعد سنوات دونالد ترمب الغوغائي غدت في خطر شديد جراء ماألحقته سياساته التمييزية بالمجتمع الامريكي ومؤسساته الراسخة من فوضي شديدة وعنصرية يسندها ، ولاول مرة في التأريخ ، الرئيس الامريكي نفسه.
إذا فاز الجمهوريون في معادلة الحساب واطبقوا علي مثلث القوة ، فإن “النظام ” الذي خبرته امريكا مهدد بشهقة الموت وبخاصة بعد ان مكن ترمب مناصروه ومؤيدو سياساته العنصرية من التسلل الي مواقع القرار التشريعي.
فهؤلاء سيصبح بعضهم أعضاء في الكونغرس الجديد عندما يلتئم في شهر يناير ، بشقيه، او حكام لولاياتهم أو اعضاء في مجالسها التشريعية .
زحف الجمهوريون هذا المساء لاحراز الاغلبية البسيطة (218 صوتا من اجمالي 435) في مجلس النواب House of Representatives. هذه الاغلبية ، إذا حدثت ، فسوف تمكنهم من القبض علي مفاتيح خزينة المالية العامة في أمريكا . فمن صميم صلاحيات الكونغرس (مجلس النواب) القبول بتمويل او عدم تمويل ما يطلبه الرئيس بايدن وحتي قرارات الحرب والسلام سوف يشاركون الرئيس في صناعتها ولن يقررها الرئيس لوحده.
الخطر الان يتعاظم بعد إعلان ترمب إستعداده للترشح لرئاسة تكميلية مسنودا بملايين من المناصرين ممن صدقوا كذبة انه لم يُهزم في الانتخابات السابقة وان بايدن سرق منه الرئاسة ! هؤلاء المنكرون لنزاهة الانتخابات الامريكية وقد تسلل كثير منهم البارحة لمواقع القرار الامريكي من المشككين وغير القابلين بنتائج انتخابات 2020 الرئاسية ، والرافضين لحكم الاغلبية ، هم الخطر الماحق علي الامن والسلم الاجتماعي …
الضلع الثاني لمثلث القوة والهيمنة الادارية فيمثله مجلس الشيوخ The Senate . فإن تمكن الجمهوريين من اعادة سيطرتهم عليه وحصلوا علي غالبيته البالغة اي رقم يفوق 51 من إجمالي عضويته البالغة 100 سيناتور ، فستكون شهرزاد بنت بايدن قد ادركها الصباح ! فلو تساوت مقاعد الحزبين50/50 في مجلس الشيوخ ، كما كان الامر طيلة العامين الماضيين ، فان الحزب الحاكم يسيطر علي مجلس الشيوخ بصوت الترجيح الذي يدلي به نائب الرئيس .
الهيمنة علي مجلس الشيوخ تعني تسيير دولاب الجهاز الفيدرالي حيث ينفرد مجلس السناتورات بفحص قرارات الرئيس بتعيين القضاة الفيدراليين ، كبار الموظفين ، ورسم خطوط السياسة العامة ولو عنت الموافقة علي طرد الرئيس ومحاسبته اذا شرع الكونغرس في مثل تلك الترتيبات.
أما بالنسبة للضلع الثالث والاخير من مثلث القوة فان الجمهوريين يقبضون وبكلتا يديهم علي القصبة الهوائية للجهاز القضائي ( المحكمة العليا ) . فمن اجمالي 9 قضاة ، فإن اغلبيتهم تتألف من 6 قضاة جمهوريين مقابل 3 قضاة ديموقراطيين يجتمعون صباح كل يوم لتفسير النزاعات الدستورية واصدار التعديلات علي القوانين السارية في البلاد !! لذلك فان تركيبة المحكمة الدستورية (التي عيّن ترمب آخر ثلاثة قضاة محافظين فيها ) هي التي تعزز الفلسفة الاجتماعية وتحكم بوصلة الحريات ، إما باستصدار القوانين باتجاه دعم الانفتاح والليبرالية ( الحزب الديموقراطي ) ، او باتجاه الانغلاق وتدخل المؤسسات الدينية في ادارة الدولة ( الحزب الجمهوري )