جيل Z
بقلم: رلى السماعين

النشرة الدولية –

الدستور الأردنية –

هل سمعت بمصطلح ‹جَنْ زِي›؟ غالبية الذين سألتهم اجابوا عن سؤالي بسؤال آخر : ما هذا؟.

‹جن_زي› ويطلق عليه أيضاً اسم ‹جيل المئوية› هم ليسوا فضائيين، بل هم جيل في غاية الاهمية في وقتنا، بدأوا يؤسسون لهم مكاناً ويشكلون منه عالماً جديداً حسب رغباتهم ونظرتهم المختلفة للحياة، وهم المؤثرون الحقيقيون على واقعنا المُعاش الان، وهم من يعملون على تغيير أنماط الحياة المختلفة التي اعتدنا عليها، وبالذات على أنماط الاستهلاك واسلوب التواصل.

جيل ‹جن-زي› Generation Z هم مواليد ما بين عام 1997 وعام 2021 ، ولدوا في الوقت الذي شهد فيه العالم الثورة التكنولوجية غير المسبوقة، وهم أول المستهلكين الذي نشأوا في العصر الرقمي، يُعرفون بأنهم يتمتعون بالذكاء الرقمي ويستخدمون التكنولوجيا الرقمية بكل حرَية ومن دون أية مخاوف أو تحفظات، فهو جيل مختلف تماماً عن الاجيال التي سبقته.

جيل المئوية، هكذا أطلق عليه من قبل الباحثون وعلماء الاجتماع، هو الاكثر تعداداً على الاطلاق وعلى مستوى العالم، حيث يضم 30% تقريبا من سكان العالم أي ما يقرب من 2 مليار نسمة، ومتوقع بأن يكون الجيل الاكثر اكتظاظاً على وجه الارض عن قريب.

ولد جيل المئوية والهواتف الذكية بين أعينهم، ويكبرون وهذه الهواتف بين أيديهم. هو الجيل الذي اعتاد على الانترنت في حياته كما الماء والهواء. من منظور الاهل والمجتمع الواعي، هم أطفال يعانون من إدمان العصر الحديث الذي فرضه التقدم التكنولوجي غير المسبوق، فقد اعتادوا «ادمنوا» على الانترنت منذ طفولتهم، وبات جزأً ضرورياً وطبيعياً في حياتهم.

في الوقت الذي كان الكتاب هو الصديق الصدوق وكان ولا يزال أجمل هدية، باتت الهواتف الذكية هو أهم هدية يحصل عليها جيل المئوية وبالغالب قبل العيد العاشر من عمرهم، ومن خلاله يتواصلون مع الاصدقاء والاهل ويقضون وقتهم على هواتفهم تماما» كما يقضي الاهل وقتهم في مشاهدة ومتابعة التلفاز.

للجيل هذا لغته الخاصة، فيها مصطلحات واختصارات قد لا يفهما الجيل الاكبر الذي يعيش معه في البيت الواحد. أما منظورهم للحياة فهو مختلف تماماً عن الاجيال التي تكبرهم وعن اهلهم.

جيل المئوية مواطنون رقميين من الدرجة الاولى. هو جيل لا يعرف التعصب، لا يدرك ابعاد مصطلح «عدو»، في قاموسهم لا توجد كلمة «خلفيات»، وكل شيء عندهم «عادي» والامور معهم تؤخذ بسهولة من دون أي تعقيد، وهم ميالون للاعتماد على أنفسهم، لانهم في الواقع يعيشون في العالم الرقمي الافتراضي، الذي عمل على تغيير انماط تفكيرهم بشكل جذري، لذا تراهم وعلى مستوى العالم يتشابهون بالاراء بمواضيع كثيرة، وبالذات نظرتهم المختلفة عن أي جيل آخر يعيش حولهم، لان العالم في نظرهم هو كما يرونه من خلال شاشات هواتفهم فقط. من أهم صفاتهم أن ذاكرتهم ضعيفة، وتركيزهم قليل ويفضلون المحتوى السريع والخفيف، أما أفضل أنواع التواصل بين ببعضهم البعض فيكون من خلال هواتفهم والتطبيقات المختلفة التي عليها.

«الحرب» بالنسبة لهم هي لعبة الكترونية، من خلالها وبقية أنواع الحروب الالكترونية المنتشرة بكثافة في العالم الرقمي تعلموا كل أنواع الاسلحة واستخداماتها. أما «العدو» فهو الصديق الذي يشاركهم اللعبة، فباتوا يتمتعون بالقتل، ولا يهابون السلاح أو رؤية الدم أو حتى رؤية اشلاء ضحايا حربهم. لذا عندما يواجهون في واقع الحياة ظرفاً طارئا، تكون أول ردة فعل لهم هي عدم الادراك لاول وهلة، ومن ثم وبطريقة اوتوماتيكية يقومون بتصوير الحدث على هواتفهم لمشاركته مع اصدقائهم في عالمهم الرقمي، قبل أن يخطر ببالهم طلب المساعدة أو النجدة، هذا إذا كان لديهم الوقت لذلك.

الجيل الوحيد الذي يشابهه في نواح كثيرة هو «جيل الفا» الذين ولدوا ما بين 2010 الى عام 2024 هذا الجيل لم يبلغ عمر المراهقة بعد، بالرغم من ذلك هم أيضاً مواطنون رقميون، أما جيل الالفية (مواليد 1981-1996) فهم الذين فهموا وتبنوا التكنولوجيا الرقمية، بل وقادوا المجتمعات في هذا المجال في حين كان الجيل الاكبر ، جيل-X وهم مواليد عام 1965- 1980، عاجزاً بل وخائفاً من خوض تجربة العالم الرقمي وقتها. وهناك جيل كثيري الانجاب، أُحبُ أن اسميهم جيل النعمة، وهم مواليد عام 1946-1964، هذه التسميات المختلفة للاجيال المختلفة اتفق عليها عليها علماء الاجتماع والباحثون.

كصحافية مختصة في السلم المجتمعي، يقلقني كما غيري كثيرون، فقدان الهوية الفردية والمجتمعية التي تأتي مع تغول العالم الرقمي أكثر في جميع ظروف حياتنا، ويقلقني عدم وجود حدود جغرافية في العالم الرقمي أو حتى سياسية، وتقلقني التغييرات الجذرية من زعزعة الثوابت الدينية والثقافية وتلك المتوارثة من عادات وأصول، لانه بالرغم من هذه التغييرات الجذرية الا إن عنصر التحكم بالفكر والانفعالات والمنطق لا يزال واضحاً، لا بل وسائداً. تمهيداً لماذا؟ الله يعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى