تضارب الآراء حول مستقبل سوق العملات الرقميّة بعدما ضربتها عاصفة هوجاء
النشرة الدولية –
الديار – شانتال عاصي –
يُعرَف سوق العملات الرقمية بتقلّبه السريع وتأثّره بعوامل عدّة منها السياسية، الإقتصادية، الإقليمية أو حتى يتأثّر بتغريدة ينشرها أحد كبار مستثمري العملات الرقمية كالملياردير “إيلون ماسك”.
ضربت عاصفة هوجاء الأسبوع الماضي سوق العملات الرقمية لتطيح بواحدة من أهمّ وأكبر منصات التداول بالعملات الرقمية “أف تي أكس – FTX” وتعلن إفلاسها في غضون 48 ساعة.
فماذا حدث؟
استفاق هواة وعشاق العملات الرقمية على مفاجأة إعلان مؤسس منصة تداول العملات الرقمية “بينانس” “شانجبنج تزاو”، أنَّ شركته كانت تتجه للاستحواذ على شركة “إف تي إكس” التابعة للملياردير “سام بنكمان فرايد”، والتي عانت من أزمة سيولة بعد أن أعلن الأول عن بيعه 530 مليون دولار من حيازته عملة “إف تي تي” الأصلية. وأبرمت الشركتان اتفاق نوايا غير ملزم.
وفي تراجع مفاجئ، انسحبت منصة “بينانس” من صفقة الاستحواذ على منافستها “إف تي إكس”، قائلةً إن مشاكل الشركة “خارجة عن سيطرتنا أو قدرتنا على المساعدة”. وكشفت أنها راجعت الشؤون المالية لشركة “إف تي إكس”، واستشهدت بتقارير حول “سوء إدارة أموال العملاء وتحقيقات وكالة أميركية في الإعلان عن إيقاف الصفقة.
ضحايا “إف تي إكس”
إثر انهيار إف تي أكس، انخفضت القيمة السوقية لشركة “سولانا” من ذروةٍ بلغت حوالي 80 مليار دولار في تشرين الثاني الماضي إلى ما يزيد قليلاً عن 6 مليارات دولار. كما تأثرت شبكة البلوكتشين الخاصة بسولانا بسلسلة من الانقطاعات. وقد أثر تدهور وضع “سولانا” في جميع الأنظمة التقنية القائمة عليها بشكلٍ غير مباشر، فقد امتد التدهور إلى سولند” كذلك، وهو بروتوكول الإقراض المالي اللامركزي المبني على “سولانا”.
هذا وانخفضت القيمة الإجمالية للتطبيقات المبنية على سولانا أيضاً بمقدار النصف تقريباً.
أمّا شركة “بلوك فاي”، فهي ضحية أخرى لإخقاقات منصة “إف تي أكس”، وها هي تستعد للإفلاس المحتمل مع انتشار عدوى “إف تي أكس”، حيث زعم تقرير أن مقرض العملات الرقمية “بلوك فاي” يقوم باستعدادات للإفلاس المحتمل مع انتشار عدوى العملة الرقمية إلى الشركات المعرضة بشدة لمنصة “إف تي أكس” المنهارة.
لا يزال التوتر واضحًا في سوق العملات الرقمية مع تزايد الأضرار الجانبية من إفلاس “إف تي اكس”. وألقت القضية بظلالها على السوق بشكل عام، فتراجعت أسعار العملات الرقمية دون استثناء، ما أثار موجة من الهلع بين المستثمرين والمتداولين بهذه العملات ودفع بهم إلى بيع ممثلاتهم الرقمية أو عملاتهم.
على سبيل المثال، فقدت “بيتكوين” جرّاء انهيار “إف تي إكس” ما يقرب من 25% من قيمتها نزولا من مستويات قرب الـ21 ألف دولار وصولا إلى مستويات قرب الـ 15.6 ألف دولار.
هذا وتحوم بيتكوين الآن قرب مستويات 16.6 ألف دولار بتراجع في حدود 1% بينما تبلغ قيمتها السوقية حوالى 320 مليار دولار.
هل تبلغ البيتكوين عتبة الـ 250 ألف دولار؟
يقول الملياردير المستثمر الرأسمالي، تيم درابر، والذي الذي يعد أحد أبرز داعمي العملة الرقمية الأولى في العالم، أن انهيار منصة العملات الرقمية FTX لا علاقة له بنجاح بيتكوين لأن عملة بيتكوين عملة لا مركزية و”إف تي إكس” لم تكن يومًا على غرار بيتكوين.
ولا يزال الملياردير المستثمر تيم درابر إيجابيًا بشأن توقعات سعر البيتكوين حيث يرى أن العملة الأشهر ستقفز إلى مستويات 250 ألف دولار في عام 2023.
رأي معارض تماماً!
فيما لا يحمل الجميع نفس القدر من التفاؤل بشأن سعر البيتكوين في المستقبل القريب، يرى مؤسس بينانس “شانجبنج تزاو” أنه من الواضح أن “بيتكوين” لن تصل إلى 250.000 دولار بحلول منتصف عام 2023.
وطالب “تزاو” بضرورة التعلم من الماضي لافتاً إلى توقع بيتكوين الفاشل من قبل الراحل جون مكافي.
وقال الرئيس التنفيذي لأكبر منصة عملات رقمية إن إخفاق “إف تي إكس” أعاد قطاع العملات الرقمية إلى الوراء بضع سنوات، مع المزيد من التدقيق التنظيمي في المستقبل.
ختاماً، في ظل التقلّب المخيف والسريع الذي يشهده سوق العملات الرقمية، لا يمكن التنبّؤ بمستقبل هذه العملات، ولكن ما يمكن استنتاجه هو أنّه في حال وضعت الأطر التنظيمية المناسبة في أسرع وقت سيصبح قطاع العملات الرقمية أكثر استقراراً ويستعيد ثقة مستثمريه وربّما يستقطب مستثمرين جدد حيث يشعرون بالأمان في بيئة تقنية منظّمة، ويحفظون حقوقهم.