الأمن القومي الأردني
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
أخذت تتضح الملامح العامة لتشكيلة حكومة دولة الاحتلال برئاسة نتنياهو، ومن أبرز تلك الملامح تولي ايتمار بن غفير حقيبة الأمن الداخلي أو «حقيبة الأمن القومي» وهي حقيبة يتمتع من تناط به بصلاحيات واسعة وبصورة خاصة في التعامل مع الديموغرافيا الفلسطينية في الضفة الغربية وفي داخل الخط الأخضر فيما يتوقع أن يتولى تسلئيل سموتريتش صلاحيات الإدارة المدنية من خلال توليه وزارة المالية، وبتولي بن غفير زعيم «القوة اليهودية» هذه الحقيبة وحليفه سموتريتش زعيم «حزب الصهيونية الدينية» علينا الاستعداد لأسوأ السيناريوهات في التعامل مع دولة الاحتلال ووضع الخطط السياسية – الأمنية التي تحصن أمننا القومي وتعززه في مواجهة مخططات اليمين المتطرف الذي أحكم سيطرته الكاملة على القرار في «إسرائيل» في سابقة تاريخية تحدث لأول مرة منذ تأسيس هذا الكيان قبل 74 عاما.
ما هي أجندة بن غفير وسموتريتش وما هو الاتفاق الذي أبرم مع نتنياهو؟
من أبرز القضايا التي تم الاتفاق عليها بين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش هي «شرعنة البؤر الاستيطانية» وتقديم الخدمات اللازمة لها من شوارع وإنارة وكهرباء ويصل عدد هذه البؤر حسب الاحصائيات الرسمية الإسرائيلية 70 بؤرة إلى اليوم وهي قابلة للزيادة وبوتيرة سريعة، أي بمعنى آخر هي مشاريع مصغرة لمستوطنات خلال فترة زمنية لا تتجاوز 5 سنوات، هذا بالإضافة إلى توسيع صلاحية الثنائي الإرهابي بن غفير وسموتريتش في أخذ قرارات هدم بيوت الفلسطينيين، بالإضافة إلى منعهم من بناء منازل جديدة أو ترميم المنازل القديمة أو توسعتها على غرار ما يجري حاليا في القدس.
أما على الصعيد الأمني سيتم تعزيز أمن المستوطنين من خلال السماح لهم بإطلاق النار وفورا على أي فلسطيني يعتقد أنه يشكل خطرا على حياة أي إسرائيلي، والأخطر في الأجندة المتفق عليها «سرا» البدء بترحيل عائلات المقاومين بعد هدم بيوتهم إلى قطاع غزة، وأما امنيا وسياسيا فستكون خطوة الغاء اتفاق اوسلو مع السلطة وضم الضفة الغربية المحتلة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من ما يسمى «أرض دولة إسرائيل».
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو تأثير كل ما سبق في حال طُبق على أرض الواقع على الأمن القومي الأردني؟
بمجرد أن يكون الثنائي بن غافير وسموتريتش في حكومة يرأسها نتنياهو، فهذا بحد ذاته خطر حقيقي بل ووجودي متعدد الجوانب على أمننا القومي، فحكومة من هذا اللون لا تؤمن بفكرة السلام حتى الاقتصادي منه، وبالرجوع لأدبياتها الأيديولوجية والتاريخية سنجدها تتعامل مع الأردن باعتباره جزءا من أرض الميعاد، وأن أي اتفاق تم بين «إسرائيل» والأردن هو «باطل» عقائديا ودينيا ويجب إبطاله أو تخريبه بأي وسيلة من الوسائل المتاحة (أرجو الاستماع لخطابات الثنائي بن غافير وسموتريتش على اليوتيوب) للتعرف على مدى الخطر الذي ينتظرنا من وجود مثل هذه العقول الإجرامية في موقع صنع القرار لدى دولة لم تعد فيها «فكرة السلام» تعنيهم بشيء وبات الجيل الجديد فيها، وأقصد جيل الألفية الثانية لا يؤمن إلا بقيام دولة دينية يهودية في انقلاب اجتماعي وفكري وعقائدي على فكرة تأسيس دولة الاحتلال والتي طرحت نفسها (كدولة عصرية ومدنية).
والسؤال الآخر هل نملك أوراقا في مواجهة هذا الائتلاف العنصري؟
نعم ومن ضمن ما نملكه ما يلي:
- الإعلان رسميا في حال تشكيل الائتلاف الذي أشرت إليه على أنه يشكل انقلابا على عملية السلام بشكل عام وعلى اتفاقية السلام مع الأردن بشكل خاص، مع الإشارة إلى أجندة بن غافير الذي يستبيح يوميا المسجد الأقصى وقبة الصخرة ويرفض الوصاية الهاشمية.
- إشعار الدول الكبرى في العالم بخطورة هذا الائتلاف وبخاصة أن الإدارة الأميركية الحالية والعديد من الدول الأوروبية تعتقد أن مثل هذا الائتلاف خطر للغاية.
- الذهاب الى خيار وقف أي اتصالات مع نتنياهو في حال تم هذا التشكيل وفي أسوأ الأحوال الإعلان عن بن غافير وسموتريتش كشخصين ممنوع دخولهما الأردن باعتبارهما عدوين للأردن ولا يؤمنان بالسلام وهي خطوة إعلامية وسياسية في غاية الأهمية لإشعار نتنياهو بحماقته في التحالف مع دعاة «الابرتهايد».