منشق عن مرتزقة فاغنر يحذر من “طباخ بوتين”
النشرة الدولية –
قبل وصوله إلى منطقة الريفيرا، جنوب شرقي فرنسا، حيث يسعى للحصول على حق اللجوء، كان مارات غابيدولين، يعد اليد اليمنى ليفغيني بريغوزين، مؤسس مجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر”، والتي تتهم بارتكاب جرائم حرب في سوريا وبعض البلدان الأفريقية، وتشارك حاليا في الغزو العسكري لأوكرانيا.
وعن بريغوزين المعروف لدى الغرب بلقب “طباخ” الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقول غابيدولين إنه “رجل خطير للغاية ولا ينبغي الاستهانة به”، وفقا لما ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية.
ويضيف: “إنه فريد من نوعه. إنه عديم الرحمة، ذكي للغاية.. يمكن أن يكون ساحرًا، ويمكن أن يكون وقحًا”.
وكان غابيدولين، البالغ من العمر 56 عامًا، قد عمل لصالح مجموعة “فاغنر” في سان بطرسبرغ عقب مشاركته مع اؤلئك المرتزقة في سوريا، حيث اتُهموا بارتكاب فظائع كجزء من دعم الكرملين لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويوضح ذلك الرجل الذي كان قد سُجن في العام 1994 لإطلاق النار على مجرم قبل أن ينضم إلى مجموعة المرتزقة أنه وكجندي مظلي سابق لم يتمكن من الانضمام إلى الجيش الروسي مرة أخرى بسبب سجله الإجرامي.
ونبه إلى أنه كان عليه أن يجتاز اختبارًا روتينيًا لكشف الكذب صمم لكشف “المحتالين” الذين يسعون للحصول على الأسلحة.
ويزعم غابيدولين، كما تنقل عنه الصحيفة البريطانية، أن بوتين يستدعي بشكل منتظيم بريغوزين، 61 عامًا، لإجراء محادثات خاصة بينهما، مؤكدا أن الأخير يسعى إلى بناء قاعدة سياسة له.
ويشدد المرتزق الذي انشق عن مجموعة فاغنر في العام 2019، أن بريغوزين سيكون في الوقت الحالي راضيًا بلعب دور “كلب حراسة” لبوتين وأنه لن يخطط لمحاولة لخلافته.
ويقول غابيدولين إن بوتين لن يتردد لثانية في تدمير مجموعة المرتزقة إذ شعر أنها تشكل تهديدا عليه، قائلا: “الإجراءات المطلوبة لمحو مجموعة فاغنر عن الوجود سوف تستغرق يومين فقط”.
ولدى سؤاله عما إذا كان بإمكان بريغوزين أن يحل محل بوتين أجاب غابيدولين: “لن يكون قادرًا على أن يصبح رئيسًا لأنه لا يملك القاعدة السياسية اللازمة لذلك، لكنه يبحث بنشاط عن جماهير لإنشاء اتحاد سياسي.. ربما سيحاول أخذ مكان جيرينوفسكي، فهو بالتأكيد لديه طموحات سياسية “.
وكان زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي اليميني المتطرف لمدة 30 عامًا، فلاديمير جيرينوفسكي، والذي توقع غزو أوكرانيا، قد توفي في أبريل الماضي عن عمر ناهز 75 عامًا، وكان يوصف بأنه “ترامب روسيا”.
ويرى غابيدولين أن هناك القليل من الثقة بين بوتين و بريغوزين رغم علاقتهما طويلة الأمد، مردفا: “في مثل تلك البيئة، هل يمكن أن تكون هناك علاقة ودية؟.. بريغوزين هو معاون لبوتين، وكلاهما خطر على الإنسانية”.
من “أوبريتشنيك” إلى “فاغنر”
ويقارن غابيدولين مجموعة “فاغنر” بالشرطة السرية للقيصر الروسي، إيفان الرهيب، الذي تولي حكم البلاد في العام 1547.
وكانت تلك الجماعة تعرف باسم “أوبريتشنيك”، ويمتطي عناصرها خيولا سوداء ويرتدون ثيابًا سوداء مع وضع شارة رأس كلب مقطوع على أذرعتهم.
واعتاد “أوبريتشنيك” على قمع أي تمرد أو معارضة من خلال الترهيب وعمليات الإعدام الجماعية بالإضافة إلى غلي معارضي القيصر بالماء الحار حتى الموت وتمزيق أطراف بعض الأشخاص عبر ربطهم بالخيول والتي تجري في اتجاهات متعاكسة.
وفي هذا الصدد، يقول غابيدولين إن بوتين يستفيد من عقلية الشعب الروسي والتي مفادها “أننا لا نتعلم من تاريخنا.. الناس لا يريدون استخلاص أي استنتاجات من دروسنا التاريخية”.
وبدت قسوة بريغوزين مؤخرًا عندما ظهر سعيدا في مقطع فيديو يصور جريمة قتل بالاشتراك مع ييفغيني نوزين، 55 عامًا، وهو عضو مجموعة فاغنر كان قد انشق عنها وهرب إلى أوكرانيا.
ويعتبر غابيدولين إن بهجة بريغوزين الواضحة بعمليات القتل تدل على رغبته في الوصول إلى السلطة، مردفا: “يظهر ذلك المقطع المصور أن لديهم قوانين خاصة بهم أعلى من أي قوانين أخرى. إنها نوع من الرسائل التي يتم إرسالها إلى الجميع.. وأن لديهم إمكانيات للقيام بتلك الأمور”.
على الرغم من سمعتهم السيئة التي طبقت الآفاق نظرا لفظائعهم في سوريا وإفريقيا، قال غابيدولين إن مرتزقة “فاغنر” أصبحوا الآن أكثر خروجًا عن القانون مع استمرار الحرب على أوكرانيا.
ويحصل المجند الذي لديه خبرة بسيطة في القتال على 1230 دولار أميركي شهريًا، في حين يصل راتب المرتزق في منطقة الحرب إلى 2460 دولار، وإذا شارك في المعارك قد يصل أجره إلى 3690 دولارا.
ويتقاضى الضباط رواتب أعلى بالإضافة إلى حصولهم مكافأة عند إنجاز المهام الناجحة قد تصل إلى 11070 دولار للضابط الواحد، بينما تبلغ مكافاة قائدهم نحو 31 ألف دولار، بالإضافة إلى دفع تعويضات عن الإصابات أو الوفاة.
“خارج نطاق القانون”
ويوضح غابيدولين أن مجموعة “فاغنر” تعمل خارج نطاق القانون، وذلك على عكس الشرطة أو جهاز الأمن الداخلي الذي خلف الاستخبارات السوفياتية “كي جي بي”.
ويرى أن افتقار “فاغنر” إلى الوضع القانوني الرسمي يمنحها قدرًا أكبر من الحرية من المناورة والإفلات من المساءلة والعقاب.
ويزيد: “فاغنر هي أحد أعراض المرض الذي أصاب روسيا.. يجب أن ندرك أن هذا ما يحدث عندما تنهار الديمقراطية، حيث ينتهي بك الأمر مع فاغنر وهي شركة عسكرية خاصة أصبحت أداة في يد الدولة الروسية”.
وزعم غابيدولين أن “فاغنر” تقوم “بتجنيد السجناء للزج بهم في الحرب على أوكرانيا لأن أفضل رجالها مشغولون في عمليات خارج قارة أوروبا”.
وتابع: “عقلية الدولة الروسية تقول إنه بإلإمكان الزج بالمجرمين والسجناء في حرب أوكرانيا لأن حياتهم لا تساوي شيئا”.
ويشعر المرتزق السابق بأنه هدف رئيسي للاغتيال ليس بسبب ما أورده في مذكراته، ولكن جراء الموقف الذي يتخذه لتحذير الجمهور من مخاطر مجموعة “فاغنر” على المجتمع الروسي.
ويضيف شارحا: “الخطر الرئيسي هو أن بريغوزين ذكي للغاية.. إنه خطر على البلاد نفسها وعلى الشعب الروسي، ولأنه يتمتع بإمكانية التأثير على الشعب، فإنه سوف يصبح أيضًا خطرًا على العالم بأسره”.
ويعتقد غابيدولين أن استخدام المرتزقة في أوكرانيا هو علامة على فشل المجتمع الروسي ومؤسساته، شارحا: “في النهاية، لم تكن قواتنا العسكرية جاهزة للحرب.. في بلدنا، إذا تم تنظيم كل شيء بشكل مناسب، فلن يفكر أحد في استخدام مجموعة فاغنر في الحرب”.
وزاد: “كان من المفترض أن يقاتل الجيش”، لافتا إلى أن “مجموعة فاغنر كانت أكثر صرامة من قوات الكرملين لأن أفرادها هم من قدامى المحاربين الذين شاركوا في العديد من الحروب”.