ميقاتي فتح “كوة” في جدار العلاقة مع الرياض.. فهل تلاقيه القوى السياسية؟
بقلم: بولين أبو شقرا
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
ليست تفصيلاً صغيراً الحفاوة السعودية اللافتة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الى الرياض في اطار مشاركته في القمة الخليجية –الصينية. اللقاء مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان، ليس بالامر العابر ايضا. على الصعيد الشخصي هي الزيارة الأولى للرئيس ميقاتي إلى السعودية منذ توليه رئاسة حكومته الثالثة، وهي تاتي تتويجا لمسار طويل من العلاقة المتبادلة بينه وبين المملكة. لكنها ايضا الزيارة الأولى لمسؤول لبناني بهذا المستوى إلى السعودية منذ فترة طويلة ، ولهذا لا تقف الاهمية في هذا الحضور على المستوى الشخصي فقط، فثمة “رسالة”سعودية واضحة الى كل من يعنيهم الامر، بانها مستعدة ان تكون “بوابة” لبنان الى العالم متى عادت بيروت الى “الحضن” العربي والتزمت القوى السياسية اللبنانية كافة بمندرجات العلاقة الاخوية مع الاشقاء العرب.
وهنا لا شروط تعجيزية او متطلبات لا طاقة للبنان على الالتزام بها، هي ببساطة “خارطة طريق” وضعت خطوطها العريضة في البيان السعودي -الفرنسي -الاميركي المشترك، وبيان القمة العربية –الصينية في الرياض، وهي تتلخص”بأهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، تفادياً لأن يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية، التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات”، وهي شروط الحد الادنى لاي علاقة سوية بين الدول، وفقا لمصادر مطلعة، فما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، علنا بأنه يعود للبنانيين أن يقرروا ما هو الأفضل لهم، وعندها السعودية وكل الدول العربية ستدعم اللبنانيين في ما يقررون، سمعه الوفد اللبناني برئاسة الرئيس ميقاتي، المعادلة واضحة”ساعدونا كي نساعدكم”، هي العبارة السحرية لاستعادة العلاقات اللبنانية –الخليجية لعافيتها.
وللقاء مع ولي العهد السعودي، اهمية ايضا في توقيته، في ظل انسداد الافق السياسية في لبنان حيث يعبث فريق في بيروت بأمن المواطن الغذائي واستقرار البلد والتي تظهرت بشكل واضح اثر جلسة الحكومة الاستثنائية الاخيرة، وفي ظل عدم نجاح الجلسات البرلمانية العقيمة في انتخاب رئيس للجمهورية، فالرئيس ميقاتي من خلال نجاحه في فتح “كوة” في جدار العلاقة –اللبنانية السعودية يسجل انجازا في الشكل والمضمون، وعلى الاقل هو يحاول ان يفعل شيئا “لانقاذ ما يمكن انقاذه” عبر اعادة لبنان الى مكانه الطبيعي بين الدول والامم، فيما يحاول البعض اعادته الى مربع “الحروب” الطائفية والمذهبية المقيتة، ولعل ما حصل خلال الساعات القليلة الماضية ابرز الفروقات المهمة بين “رجال الدولة” وبعض القوى السياسية الغارقة في احقاد الماضي والتي تبحث عن “شماعة” لتبرر فشلها، فيما تعيد لبنان الى مربع “الخطر” من خلال اعادة طرح نظرية الفديرالية “المقيتة” تحت عناوين اللامركزية الادارية والمالية والامنية الموسعة وتحاول افتعال شرخ سني- ماروني.
وللمفارقة، فيما تدور معارك “طواحين الهواء” في بيروت، كانت مروحة لقاءات الرئيس ميقاتي تشمل كبار رؤساء الدول المشاركة في القمة، وبينها مع رئيس الصين شي جينبينغ، حيث كان البحث اكثر من جدي حول تطوير وتوسيع الاستثمارات الصينية في لبنان لا سيما في مجال البنى التحتية، وفتح الاسواق الصينية امام المنتجات الحرفية اللبنانية.
ووفقا للمصادر ذاتها، فان نجاح الرئيس ميقاتي في اعادة لبنان الى “طاولة” القمم الدولية، هو ما يثير “سخط” بعض من ساهم في قطع علاقات لبنان الخارجية ويعيش حبيس “دائرة” مغلقة. لكن كل هذه “الثرثرة” تفصيل صغير يجب اهماله وعدم التوقف عنده، امام الانجاز المحقق على الصعيد الدبلوماسي، فالرئيس ميقاتي نجح في تحقيق اختراق جدي في العلاقة مع السعودية ونجح في “فتح” نافذة” يجب الاستفادة منها، لكن “اليد” الواحدة لا يمكنها “التصفيق”.
الآن لبنان امام فرصة جدية متاحة للاستفادة من هذه الايجابية، الرئيس ميقاتي لا يبحث عن انتصارات شخصية، بل يسعى لوضع البلاد على سك التعافي من “البوابة” العربية. الآن الجميع امام اختبار الصدقية، فهل تلاقي القوى السياسية اللبنانية رئيس الحكومة في “منتصف الطريق” وتقدم له يد العون لاستكمال ما بدأه؟ ام سنسجل رقما قياسيا جديدا في الفرص الضائعة؟