تحبون الأجانب
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
قلناها مراراً، وكررناها في أكثر من محفل ومقال ومناسبة، لدينا قدرات اقتصادية، بشرية، جغرافية، لوجيستية، وسياسية هائلة، لكنها غير مستغلة، إما بسبب إهمال، أو سوء تخطيط، أو فساد، أو «مالنا خلق»!.
وكثير مثلي من أصحاب الرأي والناشطين أشاروا إلى ذلك، بل اجتهدنا كل في مجاله، بأن نضع حلولاً وخططاً لاستغلال هذه القدرات، خاصة في المجال الاقتصادي، لكن «عمّك أصمخ» كانت العبارة الأكثر تعبيراً عن المرحلة السابقة، فلم تستمع الحكومة ولا البرلمان إلى صوت العقل، الذي كان ينذر دائماً بضرورة استغلال موارد الكويت غير النفطية، فهل كان يجب أن تقولها صحيفة فرنسية بعبارة «الكويت العملاق النائم» حتى نلتفت إلى قدراتنا!
ولست هنا بصدد أن أحلل ما كتبته صحيفة لوفيغارو الفرنسية، بقدر ما أنا بصدد أن أذكر من جديد، واغتنم الفرصة لتسليط الضوء على عدد من القدرات الاقتصادية الكويتية غير المستغلة.
لدينا أفضل موقع استراتيجي على الخليج، يجعلنا نقطة عبور للبضائع والمواد، وبوابة لربط الشرق بالغرب، لكن هذا الموقع الاستراتيجي غير مستغل، فميناء مبارك على سبيل المثال مازال غير منجز بالكامل رغم انه مشروع يعود إلى أكثر من ١٠ سنوات.
لدينا ميزة تنافسية في الخليج، وهي عدم وجود ضريبة على الشركات، حتى الآن على الأقل، تجعلنا الدولة الأكثر إغراءً للمشاريع الإقليمية والعالمية، لكن قوانينا وبيروقراطيتنا جعلتنا بيئة غير حاضنة لهذه الشركات والمشاريع، التي تفضل أن تدفع ضريبة مقابل بيئة تجارية آمنة وجاذبة ومريحة.
لدينا جزر، يمكن تحويلها إلى أجمل المشاريع السياحية، لتنشيط هذا القطاع محلياً، بل وحتى استقطات سياحة أجنبية للبلاد، لكننا أخفقنا في ذلك ايضاً.
لدينا جامعة من أقدم الجامعات إقليمياً، لكننا أخفقنا في أن نكون دولة حاضنة للسياحة التعليمية، بل حتى تعليمنا لأبنائنا تراجع إلى مستويات دنيا.
لدينا مجتمع يشكل الشباب نحو %70 منه، وهي ثروة حقيقية، لكن لم نقدم لهم لا تعليماً جيداً، ولا بيئة جيدة للمبادرات والإقدام على المشاريع، بل حولناهم الى متتبعي نموذج موحّد يريد التخرج والحصول على شهادة جامعية، أياً كان تخصصها، ثم انتظار دور التوظيف في نظام ديوان الخدمة المدنية.
لدينا ديموقراطية جميلة وراقية حفظها الدستور، لكننا عشنا في دوامة تأخذنا من صراع سياسي إلى آخر، ومن حالة عدم استقرار إلى حالة تليها، من دون أن نفكر في أن نستثمر ديموقراطيتنا في ما يحقق المصلحة العامة والتطور والتنمية للبلاد.
كل هذا الكلام، قلناه بحرقة على الكويت كثيراً، وأشرنا أكثر من مرة إلى ضرورة أن نخرج من تحت مظلة الاعتماد على بورصة أسعار برميل النفط، ونعي ما يدور حولنا، لكن كلام الصحيفة الفرنسية أكثر ألماً، لأنكم «تحبون الأجانب».