لهذه الأسباب ماكرون قد يعدل عن رأيه بزيارة بيروت
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
فيما دخلت البلاد عمليا مرحلة الجمود السياسي، الذي فرضته الاعياد والعطلة الممتدة حتى نهاية العام، يُستبعد ان تحمل الايام القليلة المقبلة اي جديد يخرق رتابة المشهد على الساحة السياسية، الا في حال حط الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فجأة في بيروت، معايدا القوات الفرنسية العاملة في اطار اليونيفيل. فهل يفعلها ماكرون؟ او انه عدل عن رأيه؟ او ان الزيارة لم تكن اصلا مدرجة على جدول اعماله في المرحلة الراهنة؟
الاكيد ان ما حكي سابقا عن احتمال زيارة ماكرون لبنان لم يكن نابعا ومستندا الى تحليلات، بل الى تلميحات سمعها اكثر من عامل على خط الملف اللبناني في باريس من بعض المسؤولين في الاليزيه، وتحديدا في آذار الماضي، حيث كان الرئيس الفرنسي يؤكد في مجالسه الخاصة انه يرغب بزيارة بيروت، في حال لم يستجد اي طارئ تزامنا مع عيد الميلاد للاطمئنان الى حال الجنود الفرنسيين العاملين في اطار اليونيفيل، ولقاء بعض المسؤولين على هامش الزيارة، من دون حسم المسألة.
وفيما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية قبل ايام عن مصدر لبناني، أن الرئيس الفرنسي سيزور بيروت في 24 كانون الأول للقاء عدد من المسؤولين، كشفت مصادر موثوق بها من باريس لـ «الديار» انه حتى اللحظة ليس لبنان مدرجا في اطار زيارات المعايدة الخارجية التي سيقوم بها ماكرون، الا ان اي حسم نهائي للموضوع لم يحصل، علما ان الرئيس الفرنسي توجه امس الى حاملة الطائرات شارل ديغول قبالة السواحل المصرية للاحتفال بعيد الميلاد مع القوات الفرنسية، قبل الانتقال الثلاثاء الى الاردن لحضور قمة بغداد 2.
ولكن ما الذي تبدل ليبدل الرئيس الفرنسي رأيه؟ تجيب المصادر نفسها: الزيارة كانت واردة وماكرون كان يفكر جديا في زيارة بيروت في الاعياد لكنه اليوم بات اميل لعدم القيام بهكذا زيارة، كيلا يُفهَم انه يكرّس الفراغ بالموقع المسيحي الاول، لا سيما ان بعض المعلومات التي رشحت سابقا كانت تفيد بان ماكرون، وفي حال زار بيروت، فهو سيلتقي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في قصر الصنوبر، لذلك يبدو انه عدل عن رأيه في الظروف الراهنة.
وتضيف المصادر ان الرئيس الفرنسي الذي كاد يبلغ مرحلة «اليأس» من لبنان، بات يفضل الا يزور بيروت خالي الوفاض، ويعود منها ايضا خالي الوفاض، وهو يعوّل على احتمال حصول لقاء إيراني – سعودي على هامش قمة بغداد 2 في الاردن اليوم يطرح فيه الملف اللبناني، لاسيما انه عائد من زيارتين الى قطر حيث التقى اميرها، وفي حال استجد اي جديد على هامش قمة بغداد، تصبح زيارة ماكرون بيروت في الاعياد واردة. مع الاشارة الى ان المعلومات تفيد بان وزير الدفاع الفرنسي يصل الى بيروت في 30 الحالي في زيارة تستمر حتى 31.
على اي حال، وبالانتظار سواء حضر ماكرون الى بيروت او لم يفعل، فالاكيد كما تقول مصادر متابعة، ان الملف اللبناني يبقى بصلب الاهتمامات الفرنسية على ابواب استحقاق رئاسي، ستكون باريس وقطر بتنسيق اميركي سعودي، لاعبين اساسيين فيه، وسط ما رشح سابقا عن ان باريس تعمل مع قطر لايصال قائد الجيش لرئاسة الجمهورية. فهل بات اسم جوزيف عون يتقدم في بورصة الاسماء المرشحة الجدية لرئاسة الجمهورية على الاسماء الاخرى وفي مقدمها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية؟
اوساط لبنانية على اتصال مع الجانبين الفرنسي والقطري قالت: ان لا اسم معينا تسوق له فرنسا او قطر، فموقف باريس واضح فهي لا تمانع وصول فرنجية، كما انها لا تعتبره «مرشح حزب الله»، لكنها تدرك تماما ان وصوله صعب، لعدم تمكنه من الحصول على دعم احدى اكبر الكتل المسيحية كـ «التيار الوطني الحر» او «القوات اللبنانية». من هنا ترى فرنسا، بحسب الاوساط، ان امكان وصول جوزيف عون قد يكون اسرع باعتبار ان لا «فيتو» مطلقا عليه لا سيما من قبل حزب الله، وبالتالي فما تسعى اليه فرنسا هو انتخاب رئيس لا يكون طرفا ولا رئيس تحدّ، بل رئيسا يحاور الجميع وتربطه علاقات جيدة مع مختلف الاطراف.
اما على الخط القطري، فيكشف مصدر بارز ومطلع على جو اللقاءات التي تحصل على ارض الدوحة، ان قطر لم تطلب من رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل خلال زيارته الاولى انتخاب قائد الجيش، انما حاولت استمزاج رأيه حول اسم قائد الجيش جوزيف عون، الا ان اللافت ان باسيل لم يعط جوابا حاسما رافضا بالمطلق.
وفي هذا الاطار، وفيما علم بان قطر او فرنسا لم تفاتحا بعد رئيس مجلس النواب نبيه بري باسم قائد الجيش، فزوار بري ينقلون عنه اصراره حتى اللحظة على عدم تعديل الدستور لايصال اي كان لرئاسة الجمهورية، في رسالة غير مباشرة لقائد الجيش، علما ان حزب الله لا يزال حتى اللحظة متمسكا بترشيح سليمان فرنجية، ولو انه لم يتخذ بعد اي موقف سلبي ضد جوزيف عون، وهذا ما وصفته اوساط متابعة بالامر اللافت.
والانتظار، فقد كشفت المعلومات ان الجانب القطري ابلغ قائد الجيش خلال زيارة الاخير للدوحة، بان قطر ستعمل مع فرنسا لايصاله الى رئاسة الجمهورية!