خلاص.. طفح الكيل!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
نعم، بلغ السيل الزبى، وطفح الكيل، وعلينا التفكير خارج الصندوق للخروج من المأزق الذي وضعتنا فيه القرارات الخاطئة، التي تسببت في استمرار تخلفنا، مع ازدياد أعداد النواب المتطرفين، مع كل انتخابات، بحيث أصبحت حتى الدوائر الانتخابية، التي عرفت مخرجاتها بالتقدمية والاعتدال تنافس غيرها في التطرف، فالكل يبحث عن الشعبوية وصوت الناخب، بعد أن أصبحت غالبية «الأمة» أسيرة الفكر الديني المتشدد، وغير راغبة في التطور ومسايرة العصر، ولا الخروج من قوقعة التخلف بحجة الرغبة، الخاطئة غالبا، في المحافظة على العقيدة والتقاليد. وكان للحكومة ولممثلي الأحزاب السياسية، والمدرسين المؤدلجين دور في تسميم الأفكار، وغالبية هؤلاء لا يعرفون غير فرض الوصاية على الغير، مع أنهم جهلة بكل متطلبات إدارة وبناء الدولة الحديثة، وتجربتهم في السودان وإيران ومصر وتونس والمغرب مع الدولة الدينية خير دليل.
***
خلصت دراسة لمجلس التخطيط، إلى أن محافظتي الأحمدي والجهراء هما الأكثر خصوبة تلتهما محافظتا الفروانية ومبارك الكبير، وتبين أن الأقل خصوبة هما حولي والعاصمة.
لا تعني الخصوبة في هذه الدراسة، بطبيعة الحال، القوة أو الرغبة الجنسية، بل فقط الزيادة في عدد المواليد! فأعداد الأفراد في الأسرة الكويتية الحضرية في تناقص مستمر، وناقوس خطر بالنسبة لدولة بحجم الكويت ومكانتها، مقارنة مع بعض دول الخليج، وبين مجتمعات الدولة نفسها. فنسبة الخصوبة بدأت بالتراجع عقب الغزو العراقي بسنوات قليلة، واستمرت، على عكس ما يجب أن يكون الوضع عليه، نتيجة عوامل عدة منها تأخر عمر الزواج وتأجيل الإنجاب وزيادة نسبة الطلاق واللجوء للإجهاض والعزوف عن الزواج!
أما على الجانب الآخر من المجتمع، فقد كانت الأمور مختلفة تماما إما لسيطرة القوى الدينية المتشددة عليها، وإما للدور الكبير الذي لعبته الحوافز المالية الحكومية في زيادة الإنجاب، وهو الأمر الذي رفضته غالبية الأسر الحضرية، لرغبتها في التركيز على النوعية وليس الكمية او العدد، للشعور العميق بالمسؤولية لديها. ولم يكن غريبا بالتالي وقوف أولياء أمور طلبة مناطق عدة ضد منع بعض المدارس والنظار أبناءهم من الغش في الاختبارات المدرسية، وقام بعضهم بحثّ ممثليهم في البرلمان على محاسبة وزير تربية سابق على «تشدده» في الاختبارات، فهؤلاء يريدون نجاح أبنائهم، ولا يهمهم كيف!
***
استمرار الوضع على ما هو عليه يعني بقاء التخلف والتردي، واستمرار بعض النواب في عرقلة عمل الحكومة وإشغالها بأسئلة واستجوابات تافهة في غالبيتها، تتعلق بمسائل ربما لا يؤمنون بها في داخلهم ولكن ضغوط ناخبيهم، الذين اختطفت الأحزاب الدينية عقولهم، تدفعهم لتبنيها.
إن الوضع خطير ومزرٍ ويتطلب الإسراع بتغيير مخرجات الانتخابات، هذا إن أردنا استمرار «ديموقراطيتنا»، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير خطة إصلاح وطنية تتطلب، ضمن أمور عدة أخرى، قيام الحكومة بقطع صلاتها بكل الأحزاب الدينية، ومصادرة أموالها المنقولة وغير المنقولة، وحصر أنشطتها، إن كان لابد، في الأمور الدينية، ومنع تدخلها في السياسة. مع إلغاء كامل المناهج الدراسية، والاستعانة الفورية بمناهج الشقيقة السعودية، مثلا، دون انتظار، مع تعديلها تدريجيا، حسب متطلباتنا وظروفنا. إضافة إلى السماح بالدراسات الفلسفية والتفكير النقدي، والتوسع في الانفتاح على ثقافات الآخر، والتركيز على دراسة الأخلاق والتصرف الحسن لكل المراحل الدراسية، والتركيز على دراسات الفلسفة واللغات الأجنبية الحية.