العنف ضد المرأة في المغرب… أين نجح القانون وأين فشل؟

النشرة الدولية –

النهار العربي –

بإطلاق الاتحاد الأوروبي الشهر الجاري حملة تحت عنوان “ما نجاوبوش بالسكات” في محاولة للتصدي للعنف ضد المرأة في المغرب، أثير مجدداً هذا الملف، وخصوصاً بعد مرور أربع سنوات على إقرار القانون عدد 103 الرامي الى الحد من هذه الظاهرة.

وتتباين الآراء والمواقف في المملكة المغربية بشكل كبير بشأن مدى نجاح هذا القانون وغيره من التشريعات في الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.

“لم ينجح”

الحملة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي بهدف الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة والفتيات جاءت بعد تسجيل أرقام مرتفعة للغاية في المغرب.

وبحسب إحصاءات النيابة العامة فإن “23879 قضية رُفعت في العام 2021 بسبب العنف الممارس ضد النساء”، وتثير هذه الأرقام تساؤلات عن مدى نجاعة القانون 103 الذي تم إقراره في العام 2018 في التصدي للعنف ضد المرأة.

وقالت حميدة جامع، وهي ناشطة في جمعية “السيدة الحرة” الحقوقية: “لم ينجح قانون 103 في مكافحة العنف ضد المرأة”.

وتابعت في حديث إلى “النهار العربي” أنه “إضافة إلى قانون العنف هناك مجموعة من المرجعيات الوطنية في مجال مناهضة العنف ضد النساء، أهمها الوثيقة الدستورية التي تنص على حظر كل أشكال التمييز وصون الحقوق والحريات والمساواة”.

وذكرت بأنه “تم تنزيل مضامين الخطاب الملكي ليوم 30 تموز (يوليو) 2022 الذي يحث على ضرورة النهوض بوضعية حقوق المرأة وفسح آفاق الارتقاء أمامها وإعطائها المكانة التي تستحقها، علاوة على تفعيل مخرجات النموذج التنموي الذي يدعو الى نهج سياسة عدم التسامح كلياً في ما يخص العنف ضد النساء والفتيات في أفق 2030”.

لكن هذه الترسانة من التشريعات والتوجيهات لم تنجح، بحسب جامع، في وضع حد للعنف ضد المرأة، “فرغم هذه المرجعيات لا يزال العنف ضد النساء والفتيات منتشراً بقوة، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقلية الذكورية وبالثقافة المجتمعية التي تسمح بانتشاره وتجعله طبيعياً… هذه الثقافة التي تنهل من التقاليد والعادات والأعراف والأمثال الشعبية”.

وكانت شبكة “منتدى الزهراء للمرأة المغربية” قد كشفت الثلثاء أن ربات البيوت في المغرب هن الأكثر عُرضة للعنف، مشيرة إلى أن26  في المئة من المعنفات لا يتخذن أي إجراء تجاه المعنف.

ويعرّف العنف الممارس ضد النساء بذلك الذي قد يكون منزلياً أو اقتصادياً وقد يتعلق بحالات تحرش  في مقر العمل أو في المدرسة أو الجامعة، أو حالات تحرش افتراضي أو علاقة جنسية داخل الأسرة أو اغتصاب أو جريمة قتل ضد امرأة.

وهناك تباين في المواقف في المغرب بشأن نجاعة القانون 103/13 كما غيره من الترسانة القانونية التي تستهدف الحد من العنف ضد النساء.

وقال المحلل السياسي حسن بلوان: “شكل إصدار قانون 103/13 سنة 2018 نقلة نوعية في إطار ترسانة قانونية خاصة بالحد من ممارسة العنف ضد المرأة، يضاف إلى جملة من القوانين التي وضعتها المملكة المغربية من أجل الرقي بمكانة المرأة في المجتمع”.

واعتبر بلوان في حديث إلى “النهار العربي” أنه “بعد أربع سنوات من وضع هذا القانون أعتقد أن هناك تطوراً ملموساً على مستوى محاربة ظاهرة العنف ضد النساء في مجموعة من المجالات تشمل الوقاية والحماية من العنف وعدم الإفلات من العقاب، إضافة إلى التكفل النفسي للنساء ضحايا العنف”.

ويعتقد أن “المغرب خطا خطوات قانونية مهمة، لكن على مستوى الواقع لا تزال هناك مجموعة من التصرفات المعزولة التي يمكن أن تمس بحقوق المرأة وتعرضها للعنف بين الفينة والأخرى”.

واستدرك بلوان بالقول: “لكن المغرب مقارنة بدول أخرى في أفريقيا أو الشرق الأوسط استطاع محاربة هذه الظاهرة من خلال الترسانة القانونية، وأيضاً من خلال التنسيق مع القيادة العليا للدرك الملكي والمديرية العامة للأمن والمنظمات المشتغلة في مجال حقوق الإنسان”.

ورغم ذلك، ثمة إقرار بأن المغرب، كما غيره من عدة دول، لم ينجح بعد في إنهاء ظاهرة العنف ضد المرأة، وهي ظاهرة مرتبطة بعقلية اجتماعية والقدرة على نفاذ القانون ومنع الإفلات من العقاب.

ويضيف بلوان: “عموماً القانون 103/13 يشكل خطوة قانونية استباقية للتخفيف من هذه الظاهرة، المغرب لم يستطع اجتثاث الظاهرة من جذورها لاعتبارات نفسية واجتماعية وحتى زجرية تختص بعدم تنفيذ الامتثال للقانون، لكن المغرب مقارنة بدول أخرى نجح في أن يخطو خطوات مهمة في مجال مكافحة العنف ضد المرأة”.

ويشدد على أنه “رغم ذلك فهناك نقاش مجتمعي على مستوى تعديل مجموعة من القوانين ذات الصلة، بخاصة في ما يخص مدونة الأسرة”.

ولا تزال موضوعات مثل زواج القاصرات وغيره تثير جدلاً واسع النطاق في المغرب بشأن ما إذا كانت المملكة ستتجه إلى تحديث ترسانتها التشريعية، بخاصة في ما يتعلق بمدونة الأسرة التي تواجه انتقادات من أوساط حقوقية.

زر الذهاب إلى الأعلى