لا بوادر لتسوية الخلافات الحزب الديمقراطي الكردستاني وغريمه السياسي الاتحاد الوطني الكردستاني
النشرة الدولية –
تكشف السجالات الدائرة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وغريمه السياسي الاتحاد الوطني الكردستاني عن غياب أي بوادر لتسوية الخلافات بين الجانبين، على الرغم من وجود ضغوط دولية ولاسيما أميركية تطالبهما بضرورة نزع فتيل التوتر لتفادي سيناريوهات قاتمة باتت تطل برأسها في إقليم كردستان الواقع في شمال العراق.
ويرى مراقبون أن عودة التجاذبات وتبادل الاتهامات بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم مردها تراجع الحزب الديمقراطي الكردي عن خطواته لتذليل الخلافات مع الاتحاد الوطني، مشيرين إلى أن الحزب الديمقراطي يسعى لتفادي أي التزامات بشأن تحقيق المصالحة وهو يستغل في ذلك الوضع المتوتر داخل الاتحاد الوطني.
ويمر الاتحاد الوطني الذي يقوده بافل طالباني بأزمة كبيرة تنذر بانشقاق جديد داخل الحزب، وهذا الأمر يشكل بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب أوراقه خصوصا مع باقي الشركاء السياسيين في الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق.
ويقول المراقبون إن الأزمة الداخلية التي يعيش على وقعها الاتحاد الوطني، في ظل اتهامات لزعيمه بافل بالسعي للاستفراد بالقرار وإقصاء قيادات بارزة، تخدم بشكل غير مباشر الحزب الديمقراطي الذي يعتبر أن الوضع الحالي لا يخدم جهود إطلاق مفاوضات.
وكان الحزب الديمقراطي قد ألمح في وقت سابق عن استعداده لإعادة النظر في تركيبة الحكومة بما يفسح المجال لمشاركة أوسع للاتحاد الوطني قبل أن يتراجع عن هذا التوجه.
وأكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي الاثنين أن الأزمة مازالت قائمة مع الحزب الديمقراطي رغم تصريحات أعضائهم بوجود تحرك باتجاه الاتحاد من أجل حلحلة القضايا العالقة، لافتا إلى أن أبواب الاتحاد مشرعة أمام جميع الأحزاب وخصوصا الديمقراطي.
وقال السورجي في تصريحات صحفية إن “تصريحات بعض أعضاء الحزب الديمقراطي بشأن قرب إجرائهم زيارة للاتحاد من أجل تسوية الأوضاع بين الحزبين، لا تتواءم وأرض الواقع حيث لم تسجل أي خطوات رسمية في هذا الاتجاه”.
وأضاف أن “أبواب الاتحاد الوطني مفتوحة أمام جميع الأحزاب الكردية وخصوصا الديمقراطي من أجل تسوية الخلافات باعتباره شريكا إستراتيجيا”، مبينا أن “هناك مماطلة وتأخيرا في حلحلة الخلافات وهذا التأخير سينعكس سلبيا على المواطن في الإقليم”.
وأوضح أن “الانقسامات والتوترات بين الحزبين تسببت في إحداث أضرار بالوضع الاقتصادي في الإقليم، فضلا عن تأثيرها على وضع المواطن الكردي داخل الإقليم”. وأشار السورجي إلى “استمرارية مقاطعة الاتحاد الوطني وعلى مدى ثلاثة أشهر لاجتماعات حكومة الإقليم من وزراء ومستشارين ووكلاء، وكذلك تم سحب ممثلي الاتحاد من الوفد المفاوض لبغداد بشأن القضايا المتعلقة بين المركز والإقليم”.
وكان القيادي في الحزب الديمقراطي وفاء محمد كريم أشار في وقت سابق الاثنين إلى أن الاتحاد الوطني بحاجة إلى وقت لاستقبال الوفد السياسي للديمقراطي في ظل المشاكل الداخلية التي يعانيها، مستدركا بالقول إن خطوة الحزب الديمقراطي خلال الأيام المقبلة ستكون زيارة جميع القوى السياسية لتوحيد الصف الكردي وإعطاء الأولوية لتنفيذ اتفاقيات الإقليم مع بغداد.
وتتمحور الخلافات بين الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني والاتحاد الوطني في إدارة السلطة والموارد المالية في الإقليم.
ويقاطع نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، شقيق بافل طالباني الذي يتصدر المواجهة مع الديمقراطي، اجتماعات مجلس الوزراء في إقليم كردستان منذ أكتوبر الماضي، إذ قرر الفريق الحكومي للاتحاد الوطني، المؤلف من خمسة وزراء من أصل 18 في حكومة الإقليم، عدم المشاركة في الاجتماعات والمراسم الرسمية للحكومة المحلية.
ويراهن البعض على تحركات رئيس إقليم كردستان نجيرفان الذي يوصف برجل المهمات الصعبة من أجل تذليل الخلافات بين الحزبين.
وقد لعب نجيرفان أدوارا عديدة في فترات سابقة في تقريب وجهات النظر والمواقف بين الأطراف والقوى السياسية الكردية، خاصة بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وقد نجحت مساعيه في السابق للحيلولة دون وقوع صدامات ومواجهات بين الحزبين.
وكشف زيرك كمال مستشار رئيس إقليم كردستان عن مبادرة سياسية جديدة يعتزم نجيرفان طرحها لإنهاء حالة الجمود السياسي، مؤكدا أن الاستعدادات والتحضيرات تجري على قدم وساق لمعالجة الأوضاع والأزمات الداخلية حفاظا على المكتسبات والإنجازات التي تحققت لإقليم كردستان في السنوات الماضية.
وأشار كمال في تصريحات لـ”العرب” إلى أن حلفاء الجانب الكردي على المستويات الإقليمية والدولية خصوصا الولايات المتحدة يشددون على ضرورة توحيد الصف الكردي وحل المشكلات والخلافات الداخلية من أجل الحفاظ على الكيان الدستوري الذي يتمتع به إقليم كردستان.
وعلى جانب آخر، أوعز رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بوضع القوات الأمنية في حالة التأهب والاستنفار القصوى لمواجهة أي طارئ أو خطر على سلامة وأمن المواطنين، الأمر الذي أثار تساؤلات حول دوافع هذا التحرك، وعما إذا كانت للأمر علاقة بالأزمة داخل الاتحاد الوطني.
وبحسب بيان صادر عن الاتحاد الوطني فإن طالباني عقد اجتماعا الإثنين مع الجهات الأمنية والمسؤولين العسكريين والأمنيين، وطالب رئيس الاتحاد خلال الاجتماع بأن تكون القوات الأمنية دوما على أهبة الاستعداد لأي طارئ أو مستجد يهدد الاستقرار في إقليم كردستان وحياة مواطنيه، قائلا “لن نسمح لأي كان بخرق القانون، أدعوكم أن تواجهوا بجميع الأشكال، الذين يريدون تخريب أمن واستقرار المواطنين ويتجاوزون حدود القانون”.