منتخب العراق زلزل أعلام الفرقة وكشف زيف الولاءات
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

ناموا في العراء ساروا على أقدامهم لساعات طوال، انتظروا في سياراتهم لفترة غير محدودة، اتكأت أجسادهم على بعضها البعض لتتعاضد بالقوة الجسدية والقلبية لنصرة وطن طال أنينه وعلا صراخه، ووقفوا في الصفوف متلاحمين متماسكين يعبرون حيث يعتز العرب والعراقي بنخيله، يعبرون صوب الذود عن الوطن بطريقة مختلفة وبطريقة لا رصاص فيها ولا صواريخ تدمر البيوت وتسلب الحياة، تجمعوا ليصنعوا تاريخ وطن بكرة قدم ورياضة وتنظيم، وبقلوب قد تآلفت مرحلياً على على أن العراق هو الأول في القلوب والعقول وان الولاءات الناقصة دون ذلك.

ففي المدرجات جلس الفقير بجوار الغني ب تغنيان بذات اللاعبين دون توجه ديني أو عرقي، وصاحب الشهادات العليا يعانق دون سابق معرفة المهني فرحاً بهدف طال انتظاره، فهنا تذوب الفوارق كون المهمة صعبة والفرح لا يقبل القسمة على إثنين، لذا اندمج الجميع حتى أن المليشات اصطفت بجوار بعضها، والاحزاب الكثيرة متعددة الولاءات تحولت لحزب واحد اسمه “حزب منتخب العراق لكرة القدم”، كما توحدت الماجدات العراقيات مع الرجال، وهتفوا سوياً “عراق”، وهذا أمر لم أشاهده في العراق إلا مرتين حين ظفر أسود الرافدين بكأس أمم آسيا وحين توج بكأس الخليج، ولم أجده في أي موقف سياسي، فالعراقيون عاشقون متيمون للتحدي ولكل ما هو جميل.

وفي أرض الميدان خاض الأسود لقاء بطولي مع أشقائهم لاعبو عُمان، وقدموا أجمل ما لديهم ليمنحوا الهدية الأجمل لملايين العراقيين في شتى بقاع العالم، ولالآف الجماهير تجمعوا في المدرجات يدعمون لاعبيهم ويشجعون بكل نقاء وصفاء دون اساءات لأي منتخب، وربما أدخل الجمهور بكثافته واندفاعه الرعب في قلوب القائمين على الرياضة الخليجية، لأن رقم الحضور كان خيالياً والتشجيع جنونياً والعشق أكثر جنوناً، فارتفعت نسبة الخوف على المتواجدين في المدرجات، ليثبت أبناء الرافدين عروبتهم الأصيلة بحسن الاستقبال والوداع ودفء المعاملة لكل من زار دولة العواصم التاريخية، ليكون الفوز باللقب نهاية البطولة وبداية حلم جديد وهدية نجوم لشعب ووطن، ويكون ايضاً بقوة شعب عمل لأجل الوطن.

فمباراة بكرة القدم لمنتخب الأسود جعلت الرايات الملونة تختفي وبقي علم العراق خفاقاً في سماء الملعب، وتلاشت الهتافات القاتلة السوداوية ولم نسمع سوى “عراق”، توقفت الحياة في العراق ولاذ العراقيون في شتى بلاد العالم بالتلفاز يشاهدون لقاء العراق في نهائي كأس الخليج، ليرسل العراقيون بحضورهم وتشجيعهم وعشقهم لكرة القدم الرسالة الاعظم للسياسيين التي ترجمناها لحروف قابلة للقراءة : ” اقتتلوا تناحروا اسرقوا انهبوا لكنكم في النهاية ستغادرون إلى حيث ألقى التاريخ بابن العلقمي، وتصبحون نسياً منسيا وسيبقى العراق واحة المجد والتاريخ، لذا ننصحكم بالتشبث بثوب العراق الأصيل أو ستسقطون في أحضان الشقاء حيث لا عودة ولا أمان”.

آخر الكلام:

أسدل الستار على كأس الخليج لكنه لن يسدل عن تاريخ البطولة وجمالها، ويأمل الجميع أن تكون شمس البطولة قد أشرقت على العراق بصورة قادرة على إلغاء الصور المتعددة التي فرقت بلاد النهرين إلى أنهار متعددة، لتعود بلاد الرافدين لتاريخها العربي الأصيل وهيبتها وجمالها، وتعود كرة القدم العراقية لتستضيف المباريات الدولية وتخوض حصتها من اللقاءات على أرضها وبين جمهورها، بعد أن حصل العراق بجميع أطيافه شهادة بطولة الخليج وشق طريق الألق واللقب والعودة بامتياز.

زر الذهاب إلى الأعلى