بين عروبة الخليج والأثر العماني في المالديف
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

لم يمر مقال «قراءة في تسمية الخليج… عربي أم فارسي؟» الذي نشرته يوم 16/ 1/ 2023 دون أن يترك وراءه العديد من التعليقات والمشاركات، فالزميل راشد الشهراني من السعودية الذي يدير ويشرف على مجموعة «ديوان النخبة» يرى أن الجدل القائم حول مسمى الخليج العربي والفارسي ما هو إلا «حالة إلهاء ضمن خطة يعتمدها الثلاثي البريطاني والأميركي والفرنسي ذات استراتيجيات النفس الطويل والهادف إلى إطالة الصراع بالمنطقة، وإيران لا تهاجم إعلامياً إلا بضوء أخضر من تلك الدول».

أما الباحث أسعد الفارس فقد علق قائلاً: «إن شرقي الخليج تسكنه وعبر التاريخ قبائل عربية معروفة وفي غربه كذلك، ويسمون عرب السواحل… ورأس الخليج تطل عليه إمارة عربية لبني كعب وهي عبادان. وإيران بالكامل لا يشكل الفرس فيها أكثر من 24% فكيف يكون الخليج فارسياً؟ إن الدول العربية تقيم على رأسه الشمالي الشرقي وفي ساحله الغربي حتى سلطنة عمان، ألا يستحق هذا الوجود الكبير والواسع أن يُدعى بالخليج العربي»؟

بدوره كتب الأخ أوس يعقوب الغنيم متسائلاً: لماذا لا تتحسس الهند مثلاً من تسمية «بحر العرب» علماً أنه جزء من المحيط الهندي ويقع بين سواحل الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية، وأطلق عليه في أزمان سابقة البحر الأخضر ثم بحر الهند، وكذلك بحر إيران، وفي النهاية استقر على تسمية بحر العرب بسبب سيطرتهم عليه لقرون طويلة.

من جانبها أبدت السيدة سميرة السيد عمر ملاحظة أن والدها كان دائماً يثبت في اجتماعاته الدولية أثناء لقاءات «أوبك» أن التسمية هي الخليج العربي ويقدم شرحاً لذلك، وفي هذا الإطار أعطى الصديق صبيح السلطان مثالاً حياً وواقعياً كيف أن الشعوب والدول المتشاركة في البحار والمحيطات وحتى البحيرات تعايشت مع بعضها في الوقت الذي أطلقت فيه كل واحدة تسمية مختلفة عن الأخرى، وضرب على ذلك مثلاً بحيرة جنيف التي تعرف هكذا من الجانب السويسري، في حين في فرنسا تسمى بحيرة ليمان، وهي تسمية ترجع إلى العهد الروماني، مساحة البحيرة 528 كيلومتراً مربعاً، وهي من أكبر البحيرات أوروبا الغربية، ويحدها من ناحية سويسرا مدينتا جنيف ولوزان ومن ناحية فرنسا مدينتا إيفيان وبيفوار.

نخلص إلى القول إن النظام في إيران أسبغ على الموضوع لونا سياسياً يوظفه في معركته وصراعه الدائرين في الخليج والمنطقة العربية، وإنه يفتعل معارك وهمية في خطاب استفزازي تجاه جيرانه وشعبوي تجاه مواطنيه، بدلاً من أن يكون جسراً للتواصل والتعاون والتفاعل مع قاطنيه على الضفة الأخرى منذ أزمان وقرون طويلة!

ونحن في حاضرة الخليج العربي وفي أهم موقع جغرافي تشغله على الخريطة وهي سلطنة عمان، وصلتني رسالة من الناشط والصديق محمد القديري معبرة عن عمق الصلة بين السلطنة والدول التي كانت تحت جناحيها وهي المالديف، وكاتبها هو «أبو الحواري الفارسي» تقول: «إن الكثير من المالديفيين هم من أصل عماني، ومن بينهم أنا الواقف أمامك، فأصولي من مدينة صور العمانية وبعض الناس أصولهم تعود إلى صلالة، وبعضهم تعود أصولهم إلى عمان الداخل، بل إن بعض السلاطين الذين حكموا المالديف على مر العصور هم أيضا من أصول عمانية، وقد ذكر المؤرخون بأن جدّ كلّ من: الرئيس مأمون عبدالقيوم والرئيس عبدالله يامين من أصل عماني، وهناك بعض القبائل ما زالت تحمل الاسم نفسه، ومن بينهم السوالم المنحدرون من نسل الشيخ سالم السالمي، الذي هاجر من عمان إلى زنجبار، ومنها إلى المالديف، وقد تولى منصب قاضي القضاة في ذلك الوقت، وإن أحد السلاطين المالديفيين قد مات بعمان ودفن فيها، وإلى هذا الوقت الكثير من أعضاء الحكومة الحالية هم من أصول عمانية، ومن بينهم وزيرا الخارجية والداخلية، وهما يفتخران بذلك ويذكرانه في المحافل والمجالس، والعلاقات بين عمان والمالديف هي كالعلاقات بين عمان وزنجبار، بل إن جغرافيا المالديف أقرب لعمان من زنجبار، حيث تبعد عنها نحو 2700 كيلومتر فقط».

زر الذهاب إلى الأعلى