انطلاق محاكمة “غير مسبوقة” لرئيس موريتانيا السابق وسط إجراءات أمنية مشددة

النشرة الدولية –

انطلقت، الأربعاء، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، محاكمة الرئيس السابق للبلاد محمد ولد عبد العزيز وعدد من رجاله حكمه بتهم تتعلق بـ”الثراء غير المشروع وغسيل الأموال والفساد”، وهي القضية المعروفة إعلاميا بـ”ملفّ العشرية”.

ويُحاكم، إلى جانب ولد عبد العزيز، الوزيران الأولان السابقان يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير، والوزيران السابقان محمد عبد الله ولد أوداع والطالب ولد عبدي فال، وآخرون، وهذه أول محاكمة من نوعها لرئيس سابق.

محيط المحكمة شهد تشديدات أمنية

وفيما انطلقت محاكمة الرئيس السابق وعدد من رجاله، طار الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد الغزواني إلى السنغال للمشاركة في قمة حول “السيادة الغذائية والقدرة على الصمود في إفريقيا”.

ووصل المتهمون، وعلى رأسهم ولد عبد العزيز (66 عاما)، صباحا، إلى المحكمة الجنائية المختصة في مكافحة الفساد، ولم تكد المحاكمة تبدأ حتى رفعت هيئة المحكمة الجلسة، بسبب رفض محامي المتهمين الدخول إلى قاعة المحكمة جراء رفضهم التفتيش، وفق ما أفادت به وسائل إعلام موريتانية.

وقالت صحيفة “الأخبار”، نقلا عن موفدها، إن رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين قرر رفع الجلسة لمدة ربع ساعة “بسبب رفض المحامين الخضوع للتفتيش، وإصرار أفراد الأمن على إخضاعهم له”، حيث أمر القاضي بمنع إدخال الهواتف وأجهزة التصوير وهو ما اعترض عليه المحامون.

وبعد مضي ربع ساعة استأنفت المحكمة الجلسة، وتقدمت ثلاث منظمات من المجتمع المدني مختصة في مجال الشفافية ومكافحة الفساد، بطلب اعتمادها طرفا مدنيا في القضية التي تنظر فيها المحكمة، ووكلت هذه المنظمات ثلاثة محامين.

والمنظمات الثلاث التي طلبت من المحكمة اعتمادها هي منظمة محاربة الفساد، ومنظمة الشفافية ومكافحة الرشوة، والجمعية الموريتانية لمكافحة الفساد، ولم تمانع النيابة العامة اعتماد هذه الجمعيات كطرف مدني في القضية، مذكرة بحالة مشابهة في ملف سابق خلال العام 2018.

واعترض محامون على اعتماد هذه الجمعيات، بدعوى أن هذا الحق مكفول فقط لمن يثبت أنه “تضرر تضررا مباشرا”، ورُفعت الجلسة جلستها، على أن تستأنفها في يوم لاحق للبت في موضوع اعتماد هذه المنظمات من عدمه.

من جهة أخرى، حددت هيئة المحكمة ثلاثة أيام في الأسبوع لعقد جلساتها، وأوردت “وكالة الأخبار المستقلة الموريتانية”، نقلا عن مصدر قضائي لم تسمّه، بأنّ المحكمة حددت توقيت الجلسات من العاشرة صباحا حتى الخامسة مساء.

وتوقع المصدر القضائي الذي تحدث للموقع المذكور أن تنتهي جلسات هذا الأسبوع مساء غد الخميس، على أن تستأنف المحكمة جلساتها الأسبوع القادم.
وقبيل انطلاق المحاكمة انتشرت أجهزة الأمن في محيط المحكمة، وأغلقت الطرق القريبة من مكان المحاكمة وقالت وسائل إعلام موريتانية إن وحدات من شرطة مكافحة الشغب في محيط مبنى قصر العدالة.

مناهضون لولد عبد العزيز أثناء المحاكمة

وحضر العديد من مناصري المتهمين ورددوا شعارات تتهم النظام الحالي بـ”تصفية الحسابات مع الرئيس السابق ومضايقته في نشاطه السياسي”، واصفين المحاكمة بأنها سياسية.

في الآن ذاته حضر معارضون لحكم ولد عبد العزيز وطالبوا القضاء بإنصافهم وتبرئتهم، ودعوا إلى استرجاع المال العمومي وتطبيق القانون في حق من سمّوهم “أكَلة المال العام وإلحاق أقسى العقوبات بهم، ومن بين الشعارات التي رددوها “سارق أحمر، فظتنا فظتنا”.

واشتكى ولد عبد العزيز لمحاميه من “سوء وضعية المحتجز الذي بات فيه ليلة البارحة داخل مدرسة الشرطة”، قبيل انطلاق محاكمته، وفق صحف موريتانية.

وقال ولد عبد العزيز لأحد محاميه خلال رفع الجلسة، إن المكان الذي احتجز فيه كان قذرا جدا وفراشه مهترئ، وأشار إلى ما وصفه بـ”التمييز الممارس ضده من بين كل المشمولين في الملف، حيث تم احتجازه في هذا المكان القذر، فيما تم وضع بقية المشمولين في شقق مفروشة في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة نواكشوط”.

وقبيل محاكمته بساعات، نشر ولد عبد العزيز رسالة على صفحته في “فيسبوك”، قال فيها إنه سيدافع خلال المحاكمة عن “شرفه وكرامته وعن حقوق شعب بأكمله وسيبرهن على زيف الاتهامات الملفقة له”.

“ملف العشرية”

وفتح القضاء الموريتاني قبل أكثر من سنة ما يعرف بـ”ملف العشرية”، ويتعلق بالفترتين الرئاسيتين اللتين حكم فيهما ولد عبدالعزيز من 2009 إلى 2019.

وفُتح هذا الملف بناء على تقرير أعدته لجنة تحقيق برلمانية تشكلت إثر خلاف بين ولد عبد العزيز والرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني فيما يعرف بـ “السيطرة على الحزب الحاكم (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية)، الذي غُيّر اسمه فيما بعد إلى “حزب “لإنصاف”.

وأشار التقرير البرلماني، الذي استند القضاء عليه لمحاكمة ولد عبد العزيز، بأن العشرية شهدت “تجاوزات وسوء تسيير وهدرا كبيرا للمال”، كما كشف عن “العثور على ممتلكات ضخمة للرئيس السابق ومقربين منه تقدر بـ100 مليون دولار”.

في المقابل ينفي الرئيس السابق كل التهمك الموجّهة إليه، ويقو إنه يتعرّض لـ”تصفية حسابات سياسية من أجل إسكاته ومنعه من العمل السياسي”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى