هل يتدخل مصرف لبنان بعد ارتفاع الدولار؟
النشرة الدولية –
المدن – عزة الحاج حسن
هي لعبة المضاربات على العملة عينها، تتكرّر كل مدة، فيرتفع سعر صرف الدولار في مقابل الليرة بشكل صاروخي، ثم يتراجع بشكل مفاجئ. مسار الدولار المتسارع وغير المنضبط إنما يعود إلى أسباب عديدة لم تعد خافية على أحد، غير أن عوامل مستجدة ساهمت بمزيد من الضغط على الليرة في الايام القليلة الماضية.
مسؤولية مصرف لبنان
لا يمكن تبرئة المصارف ومصرف لبنان من عملية الإرتفاع الصاروخي لسعر الصرف في الأيام القليلة الماضية، خصوصاً أن تراجع سعر الدولار مقابل الليرة بعد ظهر يوم أمس الجمعة بنحو 8000 ليرة خلال ساعات قليلة مرده، بحسب المعلومات، إلى إبلاغ مصرف لبنان الصرافين وتجار العملات الذين يتعامل معهم بتوقفه عن شراء الدولار من السوق وهو ما دفعه الى التراجع.
ومهما كانت أسباب الإرتفاع الجنوني للدولار مؤخراً وتراجعه السريع تالياً، فإن الخسائر دائماً ما تلحق بالمواطنين القلقين على مدخراتهم، في حين يحقّق تجار العملة والصرافين الضالعين في لعبة المضاربات على العملة المكاسب المالية.
واذا كان الدولار قد تراجع عن مستوى 63 ألف ليرة غير ان تحركه في محيط 55 ألفاً أو 57 ألفاً يعني أنه ارتفع عما كان عليه منذ نحو اسبوع من 5 إلى 7 الاف ليرة. ويترافق هذا الارتفاع مع اقتراب شباط وبدء تطبيق قرار اعتماد سعر صرف 15 الف ليرة على السحوبات المصرفية.
ارتفاع وليس انخفاض
منذ قرابة الأسبوع كان سعر صرف الدولار يتحرّك في محيط معدل 50 ألف ليرة واستمر بالصعود التدريجي المتسارع حتى تجاوز يوم امس الجمعة مستوى 63 ألف ليرة، أي بارتفاع بنسبة لا تقل عن 20 في المئة وهو معدل مرتفع جداً بالنسبة إلى العملة الوطنية التي تنازع للبقاء.
ثم ما لبث ان تراجع سعر صرف الدولار خلال بضعة ساعات بعد ظهر يوم امس الجمعة، وبلغت قيمة الانخفاض نحو 8000 ليرة وهدأت موجة الانخفاض عند 55 الف ليرة للدولار. وإذا كان المسار الإنحداري لليرة مرده إلى عوامل عديدة تدور جميعها في فلك سوء إدارة الأزمة المالية فإن التسارع الذي حلّق فيه الدولار واستتبعه انخفاض مفاجئ إنما عزّزه الطلب على الدولار من قبل المصارف وعدد من الصرافين وعمليات المضاربة المتعمّدة على العملة.
وليست المضاربات على العملة بريئة من الحسابات السياسية التي تمارس تأثيراً مباشراً في كثير من الأحيان على سوق العملة.
أما لجهة قدرة مصرف لبنان على التدخل من جديد في الايام المقبلة في السوق لضبط سعر الدولار، فتكاد تكون معدومة، ومن غير المستبعد أن يرفع مستوى تدخله مع التأكيد على عدم قدرته على ضخ الدولارات عبر منصة صيرفة بمعدلات عالية كما كان الحال سابقاً.
أسعار الاستهلاك
انسحب الارتفاع الهائل لسعر صرف الدولار على كافة القطاعات والأسعار الاستهلاكية من دون أن يلقى انخفاضه اللاحق أي أصداء في الأسواق عينها. بمعنى أن ارتفاع سعر الصرف سحب معه أسعار المحروقات والأدوية والمواد الغذائية وغير ذلك، في حين لم ينعكس عليها جميعها تراجعه المفاجئ يوم أمس الجمعة.
وقد تسبب ارتفاع سعر صرف الدولار بارتفاع سعر صفيحة البنزين والمازوت وكسرهما سقف المليون ليرة للمرة الاولى في تاريخ لبنان وإثر ذلك اتخذت وزارة الطاقة قراراً بإصدار جدول تسعير المحروقات مرتين يومياً لمجاراة سعر الدولار. في حين تتجه وزارة الصحة العامة الى وضع مؤشر يومي لأسعار الدواء ما يعني ان الادوية ستواكب سعر الدولار في السوق السوداء.
وبين المحروقات والأدوية ثمة ارتفاعات بالجملة في أسعار المواد الغذائية فاقت 30 في المئة خلال ايام قليلة تأثراً بارتفاع سعر صرف الدولار. ولم تتأثر تلك الاسعار بانخفاض سعر الصرف المتسارع ايضاً كما الارتفاع. فالمواد الاستهلاكية لطالما سجلت ارتفاعات متراكمة بالاسعار من دون أن تسجل أي انخفاضات تذكر ودائماً تحت ذريعة “حرص التجار على رساميلهم ومستوى أرباحهم”.