مشكلتنا مع المؤذنين وحارقي المصاحف
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

لا وظيفة في العالم يستغرق أداؤها نصف ساعة عمل في اليوم، ولا تتطلب أي مهارات، ومع هذا يستحق شاغلها راتباً سخياً، إضافة إلى السكن والأكل والكهرباء والماء، وإجازات سنوية ومكافآت، وأحياناً تقاعد دائم، وأجر شاغل الوظيفة يزيد على الذي يعمل لثماني أو عشر ساعات باليوم في أعمال شاقة وخطرة!

هذا هو مؤذن المسجد، الذي لدينا منه ألفان تقريباً.

ساعات فراغهم الطويلة زينّت للقلة منهم ارتكاب حماقات وجرائم خطيرة، وهذا حالهم منذ سنوات طوال، فهم يقومون بوظيفة ليس في العالم ما يماثلها، ولا يود المواطن القيام بها، فتضطر الحكومة إلى «جلبهم» من الخارج لأداء هذه المهمة السهلة، والخطيرة في آن، ومكمن خطورتها في «عطالة» يد صاحبها عند معظمهم، مع هذا لا تريد «دولة وزارة الأوقاف» إيجاد حل لهذه «اليد العاطلة» لرغبتها في تضخيم «ملاك الوزارة»، من خلال توظيف مناصريها، ولخدمة حزبها الديني، سياسياً ومالياً!

لم يكن تورُّط عدد من المؤذنين في أعمال غير أخلاقية، داخل الكويت وخارجها، وما ورد في قناة «الإخبارية» السعودية عن ضبط أئمة ومؤذنين يؤجِّرون مرافق المساجد لحسابهم الخاص، وتحويلها إلى سكن عمّال ومغسلة ملابس، إضافة إلى محال، إلا نتيجة للهالة التي وضعت فوق رؤوسهم، فأساؤوا إليها، وبينت تجاوزاتهم ضرورة فرض الرقابة الصارمة عليهم، فعملهم في النشاط الديني يجب ألا يمنحهم أي حصانة!

***

منذ سنوات وقضية حرق المصاحف، وخصوصاً في أميركا وبعض الدول الأوروبية، تشغلنا بقوة، ليعود «تنديدنا» بالفعل المشين، وتعود تفجيراتنا في الأبرياء، ويصحب ذلك صراخٌ وتظاهرٌ واستنكارٌ، وحرق بعضنا ممتلكات بعض، والتباكي على ما حل بمقدساتنا، لينتهي الأمر إلى لا شيء، وتختفي المطالبات بالمقاطعة، مع إتلاف كل مستورداتنا من منتجات الدولة المسيئة، التي سبق أن دفعنا لها أثمانها، لتخفت الأصوات ثم تعود وترتفع ثانية، في تكرار معروف، فاردين عضلاتنا على الدول الصغيرة كالدنمارك والسويد، وملتزمين الصمت تجاه الدول الكبرى، في تناقض واضح، طالما اشتهرنا به!

فالأزهر مثلاً طالب بمقاطعة جميع المنتجات الدنماركية والهولندية والسويدية بكل أنواعها، لكنه لم يطلب يوماً مقاطعة المنتجات الأميركية مثلاً، وهم الذين سبقوا غيرهم في عملية الحرق!

إن القرآن ليس ورقاً وصفحات، بل بما بين دفتيه من كلمات وآيات وعبادات وعِبر ومُثُل.. ولا أرى إلا شعوباً تحترم الورق ورمزيته، ولا تكترث كثيراً بالمضمون.

إن مطالبتنا العالم، والغرب بالذات، باحترام مقدساتنا لا يمكن أن يكون له معنى من دون قيامنا، في الوقت نفسه، باحترام مقدساتهم، وهذا ما فشلنا في القيام به طوال أكثر من ألف عام! فلا تزال دول وقطاعات كبيرة من مجتمعاتنا تحتقر غير المسلمين، وحتى فئات كبيرة من المسلمين، وتكفّر مقدساتهم.. ولا نحترم رموزهم ولا كتبهم، ونصفهم بالأنجاس، فما نوع المعاملة التي نتوقعها ممن نصفهم بمثل هذه الصفات القبيحة؟.

زر الذهاب إلى الأعلى