متى يتغيّر مجلس الهيئة الخيرية العالمية؟
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
ورد النص التالي في موقع «الهيئة الخيرية العالمية»، تحت بند «أخلاقيات العمل وقواعد السلوك المهني»:
تعمل الهيئة على تعظيم مكارم الأخلاق بوصفها إحدى ركائز النجاح ومظاهر التقدّم والرقي، وتتناول القيم الأساسية لأخلاقيات العمل، وترصد مسؤوليات الهيئة والعاملين في هذا المجال!
لكن ما رأيناه من الحكم الصارم، الذي صدر مؤخراً عن محكمة التمييز، بسجن أحد أقوى أعضاء مجلس إدارة الهيئة بجريمة لا تغتفر، وما شاب سيرة أعضاء آخرين في مجلس إدارة من لغط، لا يتناسب أبداً مع النص أعلاه، فقد كان حرياً بمجلس إدارة الهيئة، بعد قراءة حيثيات ذلك الحكم، الذي بيّن كم المخالفات التي ارتكبت من قبل العضو السابق، وموظفين آخرين في الهيئة نتيجة ضعف رقابة المجلس، كان حرياً بهم وضع استقالاتهم بتصرف وزير الأوقاف، ليبت بها، فكونهم رجال دين لهم وقارهم لا يسبغ عليهم أردية الحصانة من المساءلة، بل مسؤوليتهم «الأخلاقية» هنا أعظم من غيرهم. فما ارتكب من مخالفات تسببت في خسائر مالية ومعنوية كبيرة لسمعة هيئة تعتبر عالمية بكل المقاييس.
***
أعرف جيداً، من واقع تجربتي مع جمعية الصداقة الكويتية، مدى ما تبذله وزارة الشؤون من جهد في مراقبة أنشطة الجمعيات الخيرية، ومع هذا هناك مخالفات وتجاوز في الكثير منها، وحجم أغلبيتها لا يقارن بحجم «الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية»، ومع هذا لا تخضع لأية رقابة فعّالة من أية جهة، ولا تعرف أية جهة تقريباً مقدار ما لديها من أموال، ولا شيء عن أنشطتها، ولا ميزانياتها السنوية، وذلك لحرصها على إحاطة نفسها بجدار من السرية!
ينص نظام الهيئة على خضوعها لرقابة الأوقاف، التي هي بحاجة أصلاً إلى الرقابة، بسبب كم المخالفات التي ترزح تحتها منذ عقود، وعدم توقف وزرائها عن إحالة قيادييها، بين الفترة والأخرى، إلى النيابة.
***
إن أصول حوكمة المؤسسات ومتطلبات الشفافية، وقبلهما المنطق، تتطلب من مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية الانحياز إلى الحق في عملها، وتعديل نظامها الأساسي، بحيث تجعل كل حساباتها وأنشطتها معروفة، وخاضعة لرقابة ديوان المحاسبة، خصوصاً بعد أن بيّن حكم محكمة التمييز الأخير أن أموالها، كونها في حكم الأموال العامة، تخضع بصورة تلقائية لرقابة السلطات في الكويت.
***
يتكون مجلس إدارة الهيئة الخيرية من 21 عضواً، غالبيتهم من صبغة واحدة، ومن 9 دول عربية وإسلامية، وللكويت العدد الأكبر من لأعضاء، ومن المنطقي الافتراض ضعف رقابة المجلس على قرارات الهيئة، خاصة عندما قامت بتعيين رئيس الجهة الرقابية عليها، عضواً في مجلس الإدارة، في مخالفة صارخة لكل قانون وعرف، ومع هذا لم يبدر أي اعتراض من أي عضو على هذا الوضع غير القانوني وغير الحصيف!
***
كما كان يفترض بهذه الهيئة، بكل ما تمتلك من إمكانات مادية ومعنوية هائلة، أن تكون رأس الحربة في تقديم يد العون للمحتاجين في سوريا وتركيا، لكننا رأينا رئيسها، والوفد المرافق له، يستغيثون بالديوان ليرسل لهم طائرة خاصة تعيدهم للوطن، بعيداً عن المنطقة الأكثر حاجة لوجودهم! فأي تقصير وإهمال أكثر من هذا؟ علماً بأن مطار اسطنبول كان ولا يزال يعمل بصورة طبيعية، بعيداً عن منطقة وقوع الزلزال!
***
إن أعضاء مجلس إدارة الهيئة، الذين يمثلون الكويت على الأقل، مطالبون بأخذ الحق بأيديهم، فقد كان حكم المحكمة الأخير جرس إنذار ومؤشراً على ضرورة تغيير الدماء في المجلس، وقيامهم قبل ذلك بتطبيق الحوكمة والشفافية على عمل الهيئة، وتكليف ديوان المحاسبة تدقيق أعمالها مستقبلاً.