اجتماع موسّع لم ينتج غير “النحيب”: الصيادلة والمستشفيات للإضراب؟
بقلم: عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
المدن –
لم تكن نتائج الاجتماع الذي جمع القطاعات الإنتاجية والعمالية في مقر الاتحاد العمالي العام بحجم الأزمة التي اجتمعوا حولها. فمخاطر الوضع الراهن والانهيار المدوّي الذي تتعرض له العملة الوطنية وغالبية القطاعات الاقتصادية، حضرت على ألسنة المجتمعين من نقابيين واقتصاديين، أتت على هيئة “نحيب”، يعكس استسلاماً بين أطراف الإنتاج، باستثناء قطاع الصيادلة والمستشفيات الذي غرّد خارج السرب.
طلب وليس أمراً
اجتمع شركاء الإنتاج من أصحاب عمل وعمال ومهن حرة وقطاعات تربوية وحيوية، بدعوة من الاتحاد العمالي العام وفي مقره، لـ”اطلاق النفير العام” تحت شعار “أنقذوا الوطن”، عبر انتخاب رئيس للجمهورية. وبعد أربع سنوات على تفجّر الأزمة وتخاذل السلطة السياسية عن صوغ أي حلول وإمعانها في تضييع الوقت، وتدمير ما تبقى من اقتصاد، اقتصر إطلاق النفير العام لأطراف الإنتاج على “رفع الصوت والتحذير من انفجار اجتماعي”.
وكأن السلطة السياسية التي لم تهتز لضياع أموال آلاف المودعين، وأمام موت مرضى على أبواب المستشفيات، وشح الأدوية وضياع مستقبل آلاف الطلاب في المدارس الرسمية، ستصحو بعد سماعها الكلمات المؤثرة لأطراف الإنتاج، وتتجاوب مع صرخة القطاعات الإنتاجية، فتُسارع إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والإنصراف إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية!
ألقى المجتمعون كلمات تعرض الواقع المذري للاقتصاد، وتصف المسؤولين السياسيين بكل الصفات السيئة التي يستحقونها، رافعين الصوت للدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة لديها كل الإمكانيات والدعم والاحتضان، ولاتخاذ الإجراءات المطلوبة من الإصلاحات، وإقرار خطة تعاف اقتصادي ومالي واجتماعي، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
الدعوة إلى إعلان النفير العام زادت من حماسة بعض القطاعات المتضررة من الأزمة، على أمل اتخاذ إجراءات ضاغطة بوجه السلطة السياسية، ففوجئ البعض بأن اللقاء الذي جمع اصحاب العمل والعمال والنقابيين والقطاعات الإنتاجية اقتصر على إطلاق نداءات استغاثة، من دون التلويح أو حتى التحذير من القيام بأي خطوات عملية، تستهدف دفع السلطة إلى القيام بواجباتها.
إضراب القطاعات الاستشفائية
ولم يرق للقطاعات الاستشفائية والتربوية اقتصار الاجتماع على رفع الصوت و”النحيب” على بلد يواجه خطر الانهيار، من دون اتخاذ خطوات فعلية للضغط على السلطة السياسية، ودفعها للتحرك باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، فاقترح البعض تنفيذ إضراب شامل في الأيام القليلة المقبلة.
ولأن دعوة نقيب الصيادلة جو سلوم الجميع في الاجتماع اليوم “لاتخاذ خطوات جريئة تتمثل بالإضراب العام والشامل لكل القطاعات حتى انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني”، لم تلق أي تجاوب، اتجه سلوم إلى حشد نقابات وقطاعات أخرى لتنفيذ تحركات مشتركة ضاغطة.
ويؤكد سلّوم في حديث إلى “المدن”، بأن الصيادلة والمستشفيات سينفّذون إضراباً عاماً شاملاً قريباً، إلى حين تجاوب السلطة السياسية.
وحسب مصدر من القطاع الاستشفائي، فإن لا جدوى للحلول الترقيعية، كما لا جدوى من الإستسلام والبكاء على انهيار البلد وتجاهل السلطة السياسية، إنما الأجدى هو التعطيل التام للبلد بكافة قطاعاته، لممارسة الضعط إلى حين تشكيل الحكومة. وانتقد المصدر تعاطي بعض الاقتصاديين والقطاعات مع الأمر وكأن الانهيار لم يطلهم.
وحدها روابط التعليم الرسمي الثانوي والمهني والأساسي أعلنت الاستمرار بالتحركات اليومية والإضراب، مؤكدة استمرار الاعتصامات خلال الأسبوع الحالي في المناطق اللبنانية، من طرابلس إلى النبطية وبعلبك والهرمل وراشيا وزحلة وصيدا ومناطق أخرى.
وحذرت من أنه ما لم تتم المعالجة سريعاً في ظل ضيق الوقت، فإن هذا الأمر سيهدد العام الدراسي والامتحانات الرسمية و”لتتحمل كافة القوى السياسية والحكومة مسؤولية ضياع مستقبل الطلاب”. وكما الروابط التعليمية كذلك موظفو القطاع العام الذين أكدوا استمرار الإضراب إلى حين تصحيح الرواتب. ويحذر موظفو القطاع العام في الوقت نفسه من زيادة الرواتب بالليرة اللبنانية، مؤكدين أن ذلك لن يحل المشكلة ولن يعلّق الإضراب، مطالبين بربط الرواتب بمؤشر ثابت”.
انتهى اجتماع قوى الإنتاج بانقسام التوجهات بين رافعي نداء استغاثة بوجه سلطة مستشرسة، وبين مَن يرى أن التحركات التصعيدية هي الحل باعتبار “الكلام لا يعطي اي نتيجة”.