“الحسا حساك”
بقلم: سعد بن طفلة العجمي
لا تموت الأفكار والخطط والمشاريع بل تنفذ بالتزام
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية –
هي أكبر محافظات #السعودية، تقع شرقاً وتضم معظم الربع الخالي بمساحة تبلغ أكثر من 400 ألف كيلومتر مربع، واختلف اللغويون التاريخيون حول أصل تسمية #الأحساء التي تلفظ باللهجة “الحَسا”، ولعل أن التسمية من احتساء #الماء على أرض صلبة هي الأقرب إلى الصحة، ويذكر أن منخفضاً في شمال #الكويت (خَبرا) يسمى “حسو الظبي”، كانت تجتمع فيه الظباء للشرب بعد موسم الأمطار، والتبادل بأصوات العلة شائع “#حسا” و”#حسو” “يحبي” و”يحبو” و”يعدو ويعدي” و”أوراق” و”آراق” وهكذا.
لكن التفاسير لمعنى الأحساء تدور جميعها حول الماء الذي جُعل منه “كل شيء حي”، فالاسم يرمز للخير والشرب والسقي وما شابهها، والماء هو السلعة النادرة في الجزيرة العربية في الماضي، فقد تقاتلت عليه القبائل والشعوب في الماضي، وهو سبب صراعات عالمية كثيرة حتى يومنا هذا.
كان اسمها القديم “هجر”، وقد اختلف المؤرخون حول التسمية، فمن قائل إنها من حجارة بيضاء، ومن قائل إنها مكان هاجر إليه الفينيقيون قبل 5 آلاف سنة، ولعل استكشافات الآثار تحدد مكانها مستقبلاً وتكشف كثيراً من أسرارها.
من أشهر قرى الأحساء الهفوف والمبرّز وقد التصقتا بامتداد العمران، الأولى سميت بالهفوف لأن القلوب كانت تهف (تهفو) لها، والمبرز كان مكاناً بارزاً تجتمع فيه القوافل قبل رحيلها عبر الصحراء في سفرها التجاري الشاق، أما العيون فتبعد عنهما حوالى 30 كيلومتراً، ويتوقع المخططون أن تلتصق بالهفوف والمبرز في المستقبل القريب.
الأحساء رمز للخير الوفير، نخيل وينابيع مياه، وهكذا عاش الناس على أهم مصدرين للبقاء في الماضي، التمر والماء.
كانت زيارة “مهرجان التمور” متعة تثقيفية وفنية وغذائية، فهذه زاوية لوصلة عود غنائية، وتلك أخرى للعرضة التقليدية، وهؤلاء الصبية يلعبون لعبة شعبية، وهكذا.
أنصح زوار مهرجان التمور ممن يعانون مرض السكري أن ينتبهوا لكرم الباعة الذين يعرضون أنواعاً منوعة من التمور المزينة بالسمسم والفستق واللوز وخلافه، وخصوصاً “الخلاص” الذي هو خلاصة التمور الحساوية، لذيذ ومغذ ونافع وحلو المذاق.
كان والدي رحمه الله لا يقبل نصيحة ناصح ولا طبيب بالتقليل من التمر الحساوي لإصابته بالسكر في آخر سنوات حياته.
لا صار تمر الحسا وخلاص /
يا كيف تنهونّي مِنِّه؟
والسكري ما منه مخلاص/
والموت يأتي بلا مِنّه
في السوق الشعبية أتحدث مع الباعة والمتسوقين، تستهويني لهجات الأماكن الجديدة، لكن أشد ما أعجبني هو طيبة الناس وتلقائيتهم وترحيبهم المضياف بمن ليس منهم من زوار بلادهم.
يتحدث رئيس غرفة الأحساء التجارية عبدالعزيز الموسى بتفاؤل حول شبابية المحافظة ومشاريعها المستقبلية ضمن خطط سعودية هائلة لترجمة “رؤية 2030″، وقد كان حديثه ضمن الملتقى الإعلامي الاقتصادي للغرفة التجارية الذي عقد في الأحساء الأسبوع الماضي، ويجمع المشاركون على أهمية الإعلام في تسويق المشاريع والخطط الاقتصادية المستقبلية التي تنشدها الرؤية السعودية لعام 2030.
على العشاء تحدث عما تقوم به غرفة التجارة بالمنطقة من تشجيع للمشاريع الصغيرة والشابة والفردية، وما تقدمه لهم من دعم وخدمات وإعفاءات من الرسوم.
يجتمع الملتقى برعاية محافظ الأحساء الأمير سعود بن طلال بن بدر آل سعود، وقد علق الإعلامي الصديق صالح المسلم “الأمير الشاب يعكس شبابية الرؤية وحيويتها”.
الشباب السعودي يعملون في كل مكان، وبالذات الشابات السعوديات اللواتي يعملن بكل المهن، التنظيم والأمن والعلاقات العامة والاستقبال والدلالة السياحية وغيرها.
كانت “رؤية 2030” تنشد تحقيق نسبة 30 في المئة من قوة العمل من النساء، لكن قوة العمل من النساء قد تجاوزت هذه النسبة المنشودة خلال العام الماضي، أي قبل تاريخها المنشود بثماني سنوات.
زرنا المدرسة “الأولى” التي تعتبر أول مدرسة نظامية سعودية شيدت عام 1937، تسمى مدرسة الأمراء لأن عدداً من الأمراء من الأسرة السعودية المالكة قد درس فيها، ومن أشهرهم الأمير والشاعر خالد الفيصل أمير منطقة مكة حالياً، وتختزل المدرسة تطوراً سريعاً من مسيرة التعليم بالمملكة العربية السعودية، قلت لنفسي “وين كنا ووين صرنا!”.
في منتدى الأحساء للإعلام تشعر بنفحة من التفاؤل بالمستقبل، وترى انعكاس ذلك على الوجوه السعودية الشابة والطرق والأسواق والمشاريع الاقتصادية الضخمة التي تترجم على أرض الواقع ولا تموت بالأدراج كدراسة جدوى وحسب، وما أكثر الموتى بالأدراج في مكاتب منطقتنا الخليجية والعربية.
في الأحساء لا تموت الأفكار والخطط والمشاريع بل تنفذ بالتزام، ففي الأحساء يكون الكرم والعطاء والخير، وقديماً قيل: “الحسا حساك إذا قلّ عَشاك”.