“أقوى سلاح ضد الدكتاتورية”.. ثورة واسعة للإيرانيات ضد الحجاب الإجباري

النشرة الدولية –

الحرة

تتداول على انستغرام وتويتر عريضة تضم آلاف الأسماء وصور النساء تحمل رسالة “أرتدي الحجاب ولكني ضد الحجاب الإجباري”

ازدادت “جرأة” الإيرانيات على قواعد اللباس الصارمة التي فرضها رجال الدين بعد الاستيلاء على السلطة، إثر ما يعرف بالثورة الإسلامية، سنة 1979.

وقررت النساء الإيرانيات الثورة على القوانين التي فرضت عليهن طريقة ارتداء اللباس الإسلامي، في أعقاب الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ أشهر للمطالبة بالحريات، والتي أشعلها مقتل الشابة مهسا أميني، على يد شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر الماضي.

قال تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” إن النساء الإيرانيات أصبحن أكثر ظهورا في الأماكن العمومية، وهن يرتدين ملابس أنيقة، دون الخوف من ظهور بعض من خصلات شعرهن.

وأصبح نزع غطاء الرأس في الأماكن العامة، حركة تقوم بها بعض النساء للتعبير على رفضهن لقواعد الفصل على أساس الجنس، حيث تتعرض بعضهن للإقصاء لسبب عدم ارتدائهن للحجاب.

وأصبح مثال المهندسة، زينب كاظمبور ، التي ألقت بغطاء رأسها أرضا أمام جمع غفير من الرجال والنساء وهي تغادر خشبة مسرح خلال انتخابات مجلس الإدارة التي تنتمي لها، مثار فخر للإيرانيات.

والجمعة الماضي، ألقت زينب، العضوة في منظمة تضم مهندسي البناء في محافظة طهران، بحجابها أرضا، عند انتخاب مجلس الإدارة، حيث مُنعت من الترشح لأنها لم ترتد الحجاب الإلزامي “بالشكل اللائق”.

وأظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 17 فبراير، جمهورا معظمه من الرجال، وهم يصفقون عندما ألقت زينب بغطاء رأسها على الأرض وابتعدت عن جلسة التصويت.

وقالت متحدية “لا أعترف بالمجلس الذي لا يسمح للمرشحين بالترشح لعدم ارتداء الحجاب”.

كما أشارت إلى العنف والإيذاء الذي تتعرض له النساء الإيرانيات اللواتي لا يمتثلن لقواعد اللباس الصارمة للجمهورية الإسلامية.

ومنذ وفاة أميني، 22 عاما، أثناء احتجازها في عهدة شرطة الآداب، كانت النساء والفتيات في قلب انتفاضة على مستوى البلاد، ليس للمطالبة بإسقاط قواعد الحجاب فقط، بل بإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية كاملا.

وأصبحت النساء، تتباهين بشعرهن، حيث يمكن -على غير العادة- رؤية فتيات يطلقن شعرهن بالخارج، في تحد غير مسبوق، للقوانين التي فرضت علين منذ أكثر من أربعة عقود.

“وفي حين أن أعمال التحدي هذه، نادرة في المناطق الأكثر تحفظا، إلا أنها تُشاهد بشكل متزايد في البلدات والمدن” وفق تعبير الصحيفة الأميركية.

وقالت كيميا (23 سنة)، وهي طالبة في الدراسات العليا من مدينة سنندج الكردية بغرب إيران، والتي، مثل النساء الأخريات اللاتي قابلتهن “نيويورك تايمز” طلبت عدم استخدام لقبها خوفا من المتابعة، إن العديد من الطالبات في كليتها لم يغطين شعرهن في الفصول الدراسية في حضور أساتذة من الذكور.

وقالت: “سواء أحببت الحكومة الاعتراف بذلك أم لا، فقد انتهى عصر الحجاب الإجباري”.

ينص قانون الحجاب الإيراني على أن تغطي النساء والفتيات فوق 9 سنوات شعرهن، وأن يخفين أجسادهن تحت أردية طويلة فضفاضة.

ولا تزال العديد من النساء متمسكات بالقاعدة في الأماكن العامة، بعضهن باختيارهن والبعض الآخر بدافع الخوف.

وتظهر مقاطع فيديو صورت بـ”البازار” التقليدي في وسط مدينة طهران، عاصمة إيران، على سبيل المثال، معظم النساء وهن يغطين شعرهن.

لكن مقاطع فيديو أخرى صورت بالحدائق والمقاهي والمطاعم ومراكز التسوق، تُظهر المزيد من النساء وهن كاشفات شعرهن أو بعضه.

إلى ذلك، خلعت العديد من النساء البارزات، بما في ذلك المشاهير والرياضيات  حجابهن في إيران وأثناء تمثيلهن للبلاد في المناسبات الرياضية والفنية بالخارج.

ولطالما روّجت الدولة لقانون الحجاب كرمز لنجاحها في تأسيس الجمهورية الإسلامية، لكن تطبيقه اختلف، اعتمادا على الفصيل السياسي الذي كان في السلطة.

وبعد انتخابات 2021 لإبراهيم رئيسي، المتشدد، كرئيس،  تم تطبيق القواعد بشكل متزايد، وبصرامة ووحشية أغضبت النساء الإيرانيات، وكثير منهن تعرضن للغرامة والضرب أو الاعتقال من قبل شرطة الأخلاق.

لكن الغضب من القانون تفاقم في سبتمبر، عندما توفيت أميني، ومع تحول احتجاجات الشوارع التي اندلعت في جميع أنحاء إيران بسرعة إلى دعوات أوسع لإنهاء حكم رجال الدين.

وتلاشت الاحتجاجات إلى حد كبير وسط حملة قمع عنيفة من قبل السلطات شملت اعتقالات جماعية وأحكام بالإعدام وإعدام أربعة متظاهرين شباب، لكن شرارتها لا تزال مشتعلة.

والعديد من أعمال العصيان المدني مستمرة يوميا، بما في ذلك ترديد “الموت للديكتاتور” من فوق أسطح المنازل، والرسومات على الجدران، المناوئة للنظام، وتمزيق اللافتات الحكومية وإشعال النيران فيها.

وقال مسؤولون في ديسمبر إنهم حلوا شرطة الآداب، ولم يشاهدوا في الشوارع منذ ذلك الحين.

في الوقت الحالي، تطبق السلطات قواعد الحجاب فقط في بعض المناطق، وفقًا لنساء ونشطاء في إيران.

وأغلقت السلطات مؤخرا صيدليتين، واحدة في طهران والأخرى في مدينة آمل الشمالية، بعد الإبلاغ عن موظفات لم يرتدين الحجاب.

وفي مدينة قم الدينية، قاموا بتوبيخ مدير أحد البنوك على تقديم الطعام لزبائن (نساء) بدون حجاب.

كما فتح القضاء دعوى ضد المهندسة كاظمبور، بحسب تقارير إخبارية إيرانية.

ويقول المسؤولون إنهم يراجعون قواعد التنفيذ ويخططون للإعلان عن إجراءات محدثة.

وقال أحد المشرعين المحافظين إنه يتم النظر في طرق إنفاذ بديلة، مثل تحذير النساء عن طريق الرسائل النصية، أو حرمانهن من الخدمات المدنية أو حظر حساباتهن المصرفية.

“الحجاب سيعود”

نقلت وسائل إعلام إيرانية عن النائب حسين جلالي قوله “الحجاب سيعود على رؤوس النساء”.

لكن نشطاء حقوق المرأة يقولون إن تحدي النساء لا يزال واسع النطاق بحيث لا يمكن احتواؤه ولا يمكن عكسه.

وقالت فاطمة شمس،  ناشطة في مجال حقوق المرأة: “جوهر هذه الحركة وقلبها هو فعلا العمل الثوري الذي قامت به النساء، حيث حولن تحدي حجابهن إلى أقوى سلاح ضد الدكتاتورية الدينية والطبقات العميقة من كراهية النساء والنظام الأبوي”.

تقول النساء اللواتي توقفن عن تغطية شعرهن إنهن مصممات على فعل ما يحلو لهن، لكنهن يفضلن “الحجاب الطوعي”. حيث يقلن إنهن يحترمن حقوق المرأة التي تختار ارتداء الحجاب.

ليلى، 51 عاما، والتي تعيش في طهران، قالت إنها كانت ترتدي مع ابنتها المراهقة ملابس في الأماكن العامة، وفق ما يفرضه القانون، لكن عندما تسافران إلى الخارج، ترتديان الفساتين والتنانير والجينز والسترات الضيقة.

وقالت في مقابلة عبر الهاتف مع الصحيفة الأميركية: “اضطررت مؤخرا إلى السفر وفكرت طويلا بشأن ما إذا كان علي ارتداء الحجاب في المطار أم لا، لأن هناك الكثير من عناصر الأمن، لكنني قررت عدم القيام بذلك”.

قالت ليلى إنها صُدمت لرؤية غالبية النساء في المطار في ذلك اليوم قد تخلين أيضا عن حجابهن.

“مررنا جميعا بمراقبة الأمن والجوازات وشعرنا مكشوف، ولم يقولوا شيئا”.

نساء- إيران- خمار- خلع- احتجاج
تحتج بعض الإيرانيات على قوانين اللباس الإجبارية بخلع غطاء رأسهن

الناشطة المعروفة باسم حتيس، البالغة من العمر 25 عاما، والتي تراجع الكتب والأفلام عبر الإنترنت، نشرت صورة لها على موقع إنستغرام في ديسمبر وهي جالسة، وشعرها مكشوف، مع صديقة في مقهى في الهواء الطلق في طهران.

وكتبت “هل هذا ما تشعر به عندما يهز النسيم شعرك؟ حرمت من هذا 25 عاما ؟”

يذكر أنه حتى أن النساء المتدينات اللواتي يرتدين الحجاب باختيارهن انضمن إلى الحملة لإلغاء القانون.

وتتداول على انستغرام وتويتر عريضة تضم آلاف الأسماء وصور النساء تحمل رسالة “أرتدي الحجاب ولكني ضد الحجاب الإجباري”.

زر الذهاب إلى الأعلى