نظرة مغايرة للفن
بقلم: رلى السماعين

النشرة الدولية –

كنت في غرفة الانتظار في التلفزيون الاردني الذي احترمه واحترم القائمين عليه بشكل كبير لامور عدة وبالاخص محافظتهم على هوية القناة وثقافتها التي تعكس مجتمعنا،  وبنوعية ضيوفهم الذين يتمتعون بتماسك في الفكر واثراء في الفحوى، ولانه لم ينجرف مع اشباه المثقفين والمتعلمين الذين يطلون علينا بهشاشة فكرهم وضحالة فحوى ما يقدمونه  الذي يعكس تماماً غالبية من نراهم على المنصات الاجتماعية المختلفة في عالم رقمي سيطر على المرحلة التي اقل ما يمكن وصفها بأنها عجيبة وغريبة. وكانت المقابلة مع الفنانة السيدة لينا التل. شدني من جملة ما قالته عن  الفن بأن ممارسته ومشاهدته حق من حقوق الانسان.

تخيلتُ عالماً زاخراً  بالفن  متواجداً في حياتنا بفاعلية وعمق وتركيز اكبر، وتسألت ماذا لو كان تنافسنا مرتكزاً على ابراز اجمل الصور الفنية كلما اشتدت الظروف صعوبة؟

الفن بأنواعه الرسم والموسيقى والغناء والرقص الراقي الذي بحكي قصص عالمية وتراثية،  والشعر  وغيرها  يعكس ابداع الانسان في تصوير الاشياء الجميلة المحيطة به. الفسيفساء مثلا نوع من انواع الفنون التي باتت تاريخاً تروي قصة حياة من سبقونا  بشكل واضح وتبرز أنواع المزروعات  والحيوانات التي عاشت  وعلاقات الناس بعضهم ببعض وهذه اقلها! والرقص التراثي الذي يحكي قصة حياة اجدادنا اليومية وعلاقة الناس بعضهم ببعض، وتروي قصص الحروب، ومواسم الحصاد. والرسم  الذي يدخل السعادة الى قلوب الناس بابسط حالته؛ برسمة وردة أو حقول خضراء أو سماء صافية،  نزين بيوتنا فيها لانها تدخل على قلوبنا البهجة. عائلة كاملة ممكن ان تجتمع بصمت واحترام وهي تسمع موهبة  غناء طفل من اطفالها، وتفرح حتى بنشاز صوته!

الفن حق! يمد من يتبناه بالمقدرة على مواجهة مشكلات الحياة اليومية والمعاناة والالام الشخصية الذي هو جزء من الوجود،  ولانه وكما قال مؤرخ الفن جون ارمسترونج بأن الفن يعوض عن الشعور بالنقص النفسي والعاطفي “فالفن أداة معقدة تملك إمكانية توسيع قدراتنا، وتعزيزنا بقدرات أكبر من التي منحتنا إياها الطبيعة”.

غالبينا يجذبنا الجمال بأبسط أشكاله؛ فراشة بيضاء تطير قربنا، جمال تنوع الوان أزهار الربيع، اصوات العصافير صباحاً. وبالمقابل، الشخص الذي يرى الجمال، هو قادر على رؤية الظلم وتمييزه، الامر الذي يمنحه القدرة والقوة على مواجهته بسلاح الفن والجمال.

فماذا لو عززنا الفن في حياتنا! وتحولت اهتماماتنا كمجتمع نحوه بدل الانشغال-وليس التغييب أو الغاء المعرفة- بالسياسة والتضخم الاقتصادي، والتغيير المناخي، أو الانشغال بالشهرة وصيحات الموضة التي لا تنتهي؟ جميعها تثقل القلب وتعزز  الشعور بالسخط  والخوف، وتطمس البسمة، وتقسي القلوب، وتجعلنا نتعامل كبشر بعضنا مع بعض ومع الطبيعة من حولنا بأنانية مطلقة.

الفن حق يعيد التوازن للحياة  ويُمكّننا من تحمل الظروف الصعبة كونه يمنح الامل ويدخل السعادة ويجعلنا نسعى بثقة نحو مستقبل افضل.

*صحافية وكاتبة مختصة في شؤون الحوارات والسلم المجتمعي.

نشرت بجريدة الدستور الأردنية الثلاثاء 7/ 3 / 2023

Back to top button