هل كان دور الصين محوريا في الاتفاق السعودي الإيراني؟
النشرة الدولية –
الحرة –
عندما توسطت في التقارب بين السعودية وإيران، أشارت الصين إلى مستوى جديد من الطموح للقائد، شي جينبينغ، الذي سعى إلى تلميع صورته كرجل دولة عالمي في تنافس متصاعد مع الولايات المتحدة.
وسرعان ما عزا كبير الدبلوماسيين الصينيين نجاح أربعة أيام من المحادثات السرية في إحياء العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين الرئيسيين إلى قيادة شي، والتي قال إنها تظهر “تأثير قوة عظمى”.
وقال وانغ يي، في تصريحات نُشرت، الجمعة، بعد إعلان الاتفاق السعودي الإيراني، “سنواصل لعب دورا بناء بالنظر إلى رغبات كل دولة في التعامل بشكل صحيح مع قضايا العالم الساخنة”.
وفي انتقاد مبطن للولايات المتحدة، قال أيضا إن الصين ستدعم دول الشرق الأوسط في “التخلص من التدخلات الخارجية”.
وعلى عكس الولايات المتحدة، التي ليس لديها علاقات دبلوماسية رسمية مع إيران، تتمتع الصين بعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثيقة مع كل من طهران والرياض.
وتعد بكين أكبر شريك تجاري لإيران ومشتري رئيسي للنفط من السعودية، مما يمنحها نفوذا على كلا الجانبين.
وقالت سانام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تشاتام هاوس”، وهو مركز أبحاث مقره لندن، “لا تملك الصين القدرة على لعب دور أمني أكبر في المنطقة”.
لكن صفقة إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية “تنذر بإمكانية أن تكون بديلا جذابا لواشنطن”، كما تقول وكيل في حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال“.
بعد أن كانت تركز على الاقتصاد مع دول المنطقة، قال محللون إن الصين تخشى بشكل متزايد أن هدف واشنطن هو عزلها، مما يزيد من قلق بكين طويل الأمد بشأن الوصول إلى الطاقة ودفعها للقيام بدور أكثر نشاطا في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، يرى محللون أن مسألة وجود الصين كضامن أمني للمنطقة بديلا عن الولايات المتحدة أمر لا يزال بعيد المنال.
في حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال”، قال خبير دول الخليج بجامعة الكويت، بدر السيف، إنه لا يوجد احتمال كبير بأن تحل بكين محل واشنطن باعتبارها القوة الخارجية الرئيسية في المنطقة.
“الصين استغلت الفرصة”
وكانت السعودية وإيران أعلنتا، الجمعة، عن توصلهما لاتفاق لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والمقطوعة منذ 7 سنوات وذلك بوساطة صينية.
وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة أنباء “إرنا” الإيرانية الرسمية، أنه على أثر محادثات، “تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران”.
وانقطعت العلاقات بين الرياض وطهران عام 2016، عندما هاجم محتجون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيا معارضا يُدعى نمر النمر.
ورغم أن الزعيم الصيني شي يحاول استغلال تركيز واشنطن على أوكرانيا وآسيا ليقدم بكين كبديل للنظام الذي تقوده واشنطن والذي يصوره على أنه يقود العالم نحو حرب باردة جديدة، إلا أن محللون قللوا من الوساطة الصينية.
وقالت يون سون، مديرة برنامج الصين بمركز “ستيمسون”، وهو معهد أبحاث مقره واشنطن، إن “هذه معركة روايات من أجل مستقبل النظام الدولي”، مضيفة: “الصين تقول إن العالم في حالة من الفوضى لأن القيادة الأميركية فشلت”.
في حديثها لصحيفة “نيويورك تايمز“، قالت سون إنه من المهم عدم المبالغة في أهمية صفقة، الجمعة، على اعتبار أن الخلافات السعودية الإيرانية “عميقة على أسس طائفية”.
وأشارت إلى أن الأمر يتطلب “أكثر من تجديد العلاقات الدبلوماسية لإصلاح العلاقات”.
كما قد لا يكون دور الصين في التوسط في الاتفاق محوريا كما يبدو، بالنظر إلى المعطيات التي تشير إلى أن طهران والرياض كانا بالفعل متحمسين للتوصل إلى اتفاق، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
وسبق للرياض وطهران أن جلسا على طاولة الحوار خلال العام الماضي بوساطة عراقية.
وقالت سون إن ما حدث على الأرجح هو تلاقي المصالح، حيث استفادت إيران المحاصرة والمعزولة، واستغلت السعودية الصفقة لتوجيه رسالة لواشنطن حول تكاليف تقليص انخراطها في المنطقة، وتمكن شي من ادعاء مكانته كقائد عالمي في مواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة.
وتابعت: “الصين لم تجمع بين البلدين وتحل خلافاتهما. الصين استغلت فرصة دولتين ترغبان في تحسين علاقاتهما”.