اتفاق ترسيم الحدود …ما خفي اعظم!
وكالة أخبار اليوم – كتبت ميساء عبد الخالق
النشرة الدولية –
يوماً بعد يوم تتعرى أمامنا صورة هذه الطبقة السياسية التي باعت الحجر والبشر ودخلت في صفقات وسمسارات على حساب الوطن والمواطن ولم يبقى الا الهواء الذي نتنفسه ولو استطاعت لذلك سبيلا لحبسته عنا علها تستفيد من قطع انفاسنا بعد ان تقطعت بنا سبل الحياة والعيش بكرامة.
كم هو مؤلم ان نستمع لحقائق حول ملف ترسيم الحدود البحرية والتقصير المتعمد من قبل كل الطبقة الحاكمة من اجل نهاية انجاز ملف الترسيم وفقا للخط 23 بعد ان كان الجيش المتمسك بسيادة وحقوق لبنان يفاوض بشرف وتضحية ووفاء مستنداً الى الدراسات والخرائط وفقا للخط 29.
حقائق خفية ومؤلمة كشفها العقيد الركن البحري مازن بصبوص عضو الوفد المفاوض في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ندوة عقدت في نقابة المحامين بعنوان “ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اشكاليات وحلول” تطرق خلالها الى المراوغة السياسية في سياق تعديل المرسوم 6433 الذي نتج عنه ترسيم الحدود على اساس الخط 23 رغم تمسك الجيش في كل جولات المفاوضات غير المباشرة مع العدو الاسرائيلي في الناقورة بالخط 29، مبيناً ان احد التصريحات التي ادلى بها الرئيس العماد ميشال عون بعد استئناف المفاوضات والتي افاد خلالها أن “النقطة 23” هي حدود لبنان البحرية بما يحصر التفاوض بمساحة 860 كلم مربّعاً ضربت عرض الحائط “النقطة 29” التي كان يعتمدها الوفد اللبناني في جولات المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الاسرائيلي.
وتطرق بصبوص الى المغالطات التي يشوبها الاتفاق بحيث تختلف التفسيرات الاسرائيلية عن اللبنانية وهو ما يؤدي الى احتمال ضياع حقوق لبنان . ولعل ابرز ما كشفه بصبوص عن الرسالة التي اودعها لبنان لدى الامم المتحدة بتاريخ 28/1/2022 حول اعتبار حقل كاريش متنازع عليه وهي الرسالة التي تم تحضيرها من قبل الجيش وهيئة ادارة قطاع البترول ومن ثم محاولة سحبها من موقع شؤون المحيطات وقانون البحار التابع للأمم المتحدة.
وكانت القنبلة التي فجرها العقيد بصبوص صادمة للحاضرين وقد كنت الاقل صدمة لاني كنت شاهدا على لقاء لاحد اركان الدولة اللبنانية خلال لقاء صحافي في تشرين الاول 2021 عندما اعلن المسؤول الكبير ان السلطات الثلاث اتفقت على اعتماد الخط 23 والاكتفاء بـ 860 كلم وهو ما شد انتباهي وقد كان اول تصريح رسمي اسمعه ان لبنان تنازل عن الخط 29 وكان هذا التصريح شهر اكتوبر 2021 أي قبل عام من توقيع اتفاق ترسيم الحدود الذي تم شهر تشرين الاول العام 2022. وبعد هذا اللقاء ارتسم في ذهني الاختلاف في وجهات النظر بين الجيش اللبناني والسلطة السياسية في ملف ترسيم الحدود ليثبت انجاز الاتفاق ان السلطة السياسية حسمت امرها فعلا بالرضوخ للضغوط الخارجية وبالتسويات الداخلية والسير بالخط 23 عكس التوجهات والمفاوضات التي كانت في الناقورة وفقا للخط 29.
الا ان اخطر ما قاله العقيد بصبوص ان الڤيتو بيد اسرائيل بعد ٣ سنوات اي عند بدء لبنان بالانتاج لان النسخة الاسرائيلة للاتفاق تطالب بحصتها من الشركة المشغلة لانه من وجهة النظر الاسرائيلية ستعقد اسرائيل ومشغل البلوك رقم 9 اتفاقية مالية قبيل اتخاذ مشغل البلوك رقم 9 قرار الاستثمار النهائي اي بمعنى اوضح ان اسرائيل قد تمنع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية في حال لم تناسبها حصتها المالية من الاستثمار.
بغض النظر عن ما يراه معترضون على اتفاق الترسيم انه بمثابة تطبيع خاصة ان الاتفاقية تنص على “الجمهورية اللبنانية ودولة اسرائيل” ولكن هل يشعل اتفاق الترسيم لهيب المصالح الدولية ويؤجج الصراعات في البلد الذي يخرج من مصيبة ويدخل في مصيبة اكبر حتى تتحول نعمة بتروله الى نقمة.