تاريخ الشيك والجهر بالإفطار
بقلم:  أحمد الصراف

النشرة الدولية –

بيانات الشيك المصرفي الأساسية هي اسم المستفيد، والمبلغ، بالأحرف والأرقام، والتوقيع، وتاريخ إصدار الشيك.

عدم توافر جميع العناصر أعلاه أو الخطأ في كتابة بيانات الشيك يوقف صرفه، ويتطلب إما تغييره، وهذا أفضل، وإما تعديله، مع التوقيع بجانب التعديل.

تتلقى البنوك، خصوصاً مع بداية السنة، شيكات أو أوامر دفع تحمل تاريخ السنة السابقة، وحيث إن صلاحية الشيك في الكويت ستة أشهر، لذا يرفض البنك صرفه، لقدم التاريخ، وهذا الخطأ يحدث بحكم العادة، وليس قصداً!

***

ما يحدث في الأيام الأولى من رمضان، وأيضاً بحكم العادة، أن يضع أحدنا طعاماً في فمه، أو يشرب الماء، جهاراً، سواء كان مسلماً أو غير ذلك، وأيضاً بحكم العادة، وليس متعمداً، ولكن القانون الأعمى لا يضع في اعتباره هذه الشكليات، فنص عقاب الإجهار يقول:

«يعاقب بغرامة لا تتجاوز مئة دينار وبالحبس مدة لا تجاوز شهراً أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من جاهر في مكان عام بالإفطار في نهار رمضان، وكل من أجبر أو حرّض أو ساعد على تلك المجاهرة، مع جواز إضافة عقوبة غلق المحل العام لهذا الغرض لمدة لا تجاوز شهرين».

***

ربما يعود سبب إصدار هذا القانون إلى حرص المشرّع على احترام الجميع لمشاعر الصائمين، وعدم إيذائها. ولكن واقع الحال، في زمننا هذا، يقول غير ذلك، فمن المفترض أن الصائم الحقيقي والصادق لا تهمه رؤية من يفطر أمامه، فقد كنا في بيوتنا، كأطفال وشباب، نتناول الطعام أمام والدينا، ولم يكن يهمهما ذلك. كما كان العاملون في البيت، من غير المسلمين، يجهرون بالإفطار، ولم يكن ذلك يضايق أحداً. كما أن أعداداً كبيرة من دبلوماسيينا يعيشون في مجتمعات لا تعرف مظاهر الصيام، ولم يؤثر ذلك، بحسب خبرتي وعلمي، فيهم، فلماذا تصبح مشاعرهم رقيقة وتتعرّض للأذى بمجرد عودتهم إلى الكويت؟

وماذا عن الذين اضطرتهم ظروف عمل أو علاج للبقاء في دول «كافرة»، وهم يرون أمامهم المطاعم مفتوحة والمأكولات متوافرة، ولا يتأثرون بشيء، ويستمرون في صيامهم، مثلهم مثل مسلمي تلك الدولة، وهم بالملايين؟ وماذا عن الذين يحضّرون الطعام، أو من يقدمونه للمسافرين في صالات الـVIP في المطارات وغيرها، أو العاملين على الطائرات في الرحلات القصيرة، الذين يختارون أحياناً البقاء على صيامهم، برضاهم. إضافة إلى المسلمين الصائمين من محضري ومقدمي الطعام في دور الرعاية والمعاقين والمستشفيات، الحكومية والخاصة، وغيرها؟

من كل ذلك، وأمور أخرى كثيرة، نرى أن هذا التشدد في معاقبة المجاهرين عملية مضحكة، فما جعل صبر مئات ملايين المسلمين من صائمي عشرات الدول أمراً هيناً، يمكن أن يجعل صبرهم في الكويت هيناً أيضاً، ولا داعي لقانون لا يتفق لا مع العصر ولا مع المنطق. كما أنه لا دليل على عقوبة «حبس» أو غرامة مالية في الإسلام لمن يجاهر، فمن أين ابتدعت هذه العقوبات؟ فلو كان الحبس بالفعل موجوداً يومها لجاهر الكثير من الفقراء بالإفطار ليتم حبسهم، فيجدون من يطعمهم في السجن طوال الشهر!

ملاحظة: ستنتهي أزمتنا، السياسية والدستورية، يوماً وحتماً.. وقريباً. أثناء ذلك يجب أن يستمر احترامنا لاستقلالية القضاء، بصرف النظر عن آرائنا الشخصية في أفراده!

 

زر الذهاب إلى الأعلى