سوريا تتقدم على لبنان.. وعودتها إلى الجامعة في ايار تتعثر
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
لن تشغل سوريا في ايار المقبل مقعدها في الجامعة العربية التي تستضيف المملكة العربية السعودية قمتها ، الا ان الاكيد ان عضوية سوريا ستكون من ابرز نقاشات القمة، لا سيما وان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، ومعهم مصر والأردن والعراق، لم يتفقوا خلال اجتماعهم في جدة على إقرار عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، في حين انهم تعهدوا مواصلة المحادثات للتوصل إلى حل سياسي للازمة السورية ووحدة الأراضي السورية واستقلال القرار السوري.
عودة علاقات الدول العربية مع سوريا بدأت تدريجياً منذ عامين وليست وليدة اللحظة، خاصة وان السبب الرئيسي لقرار الدول العربية بإعادة العلاقات مع سوريا هو فشل مساعي الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وعليه فإن اعادة ترتيب العلاقات العربية مع سوريا سيخرج هذا البلد من العزلة في المنطقة، هذا فضلا عن ان الاسد سيعزز مكانته وقوته داخل سوريا من خلال إعادة العلاقات مع الدول العربية.
مدير قسم الدراسات اللبنانية في “مركز دراسات الشرق الاوسط” في طهران الباحث محمد خواجوئي يقول لـ”لبنان 24″ ان التطورات الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك تهدئة التوترات بين إيران والسعودية والدور الذي تلعبه الصين، عززت عملية إحياء العلاقات السورية مع الدول العربية. وعلى الرغم من أن قطر لا تزال تعارض عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ، إلا أن موقف الدول التي تدعم هذه العملية أقوى ، وهذا سيحدث على الأرجح في المستقبل القريب.
إن عودة سوريا إلى الجامعة العربية لا تضر بإيران بأي شكل من الأشكال. فالجمهورية الاسلامية ترحب كثيرا بهذه الخطوة، يقول خواجوئي. فتقارب سوريا مع الدول العربية لا يعني ابتعادها عن إيران. فالرئيس الأسد صديق لايران. ففي الحرب العراقية الإيرانية في عهد صدام حسين، كانت سوريا من الدول العربية القليلة التي وقفت إلى جانب إيران. ولأن العديد من هذه الدول العربية سعت للإطاحة بالأسد في السنوات الماضية، فإن الأسد لن يدير ظهره لطهران وهو يعلم أنه لا يجب أن يبتعد عنها كحليف قديم له. فالأسد يسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع الدول العربية وفي الوقت نفسه سيحافظ على علاقات سوريا مع إيران وروسيا. وقبل الحرب ، كانت سوريا قد اتبعت مثل هذه السياسة وكانت لها علاقات وثيقة مع إيران. ولذلك، فإن عودة سوريا إلى الجامعة العربية تصب في مصلحة ايران، وخروج هذا الحليف من العزلة يشكل فرصة لتخفيف التوترات مع دول أخرى في المنطقة. لكن يجب القول أيضًا إن إيران ليس لديها خطة واضحة ودقيقة في مجال التعاون الاقتصادي مع سوريا، علما انها حاضرة في المجالات العسكرية. لذلك يمكن أن تكون الدول العربية اكثر تأثيرا في المجال الاقتصادي في سوريا بعد إعادة العلاقات وزيادة نفوذها في هذا البلد. لكن استمرار العقوبات الأميركية على سوريا يشكل إحدى العقبات الخطيرة أمام الاستثمار في هذا البلد..
اما الباحث السياسي الاردني صالح الراشد فيرى في حديث لـ”لبنان 24″ ان التحول الايجابي في المواقف العربية يأتي بقرار ودعم أميركي لسحب سوريا من الملعب الروسي تجاه الملعب العربي، وهذا حلم أميركي صعب التحقيق كون سوريا لن تتخلى عن حليفها الاساسي في حروبها السابقة، والموقف العربي يتناغم أيضاً مع الموقف الروسي والصيني كونهما يرغبان في استخدام قواهما الناعمة للدخول كلاعب رئيسي في سياسة المنطقة بالتشارك مع الولايات المتحدة، وهذا ان حصل سيجعل المنطقة تحظى بسلام شمولي او حروب طاحنة، ومن يتحكم في هذا الامر هم الحكام ورغبتهم في عودة المنطقة، بعد خريف دموي قاتل، لربيع هاديء.
وعليه، يدرك عقلاء الجامعة العربية ان ترك سوريا خارج إطار الجامعة سيجعلها مطمعا لايران وتركيا وكل منهما يسيطر على أجزاء منها، اضافة لوجود القوات الأميركية والروسية ، وهذا يؤشر الى ان رفض بعض الدول العربية لعودة سوريا الى الجامعة قد يأتي، بحسب الراشد، كخدمة للقوى الاقليمية والدولية.
ومن هنا لا يعتقد الراشد، ان المغرب والكويت وقطر واليمن قادرون على التأثير الفعلي على قرار عودة سوريا، وهو القرار الذي كان يجب ان يتخذ من فترة زمنية بعيدة بل لم يكن قرار ابعاد سوريا سليما، لكن الغريب في هذه المواقف هو موقف المغرب، كونها لا تملك اسبابا مقنعة أو خاصة في سياستها لرفض عودة سوريا على عكس الكويت التي تتخذ الموقف لاسباب انسانية، فيما موقف اليمن جاء ليس كرهاً في سوريا بل ضد ايران التي تدعم الحوثيين، اما الموقف القطري فقد عبر عنه وزير خارجيتها حين قال:”طارت الصيدة” كناية عن عدم قدرتهم على تدمير سوريا وتغيير النظام، لذا فالموقف واضح وتعبر عنه “قناة الجزيرة”الناطق باسم السياسة القطرية بكل وضوح.
ومع ذلك يعتبر الراشد أن هناك خوفا من الولايات المتحدة التي أوجدت قانون قيصر لتسيطر هي فقط على سوريا وثرواتها، والقانون هو عبارة عن طريق للاستقواء على دول الجوار لسوريا والتي ان اعلنت عودة سوريا ورفضها لقانون قيصر فلن تجد واشنطن ذريعة للتمسك بالقانون الخاص، كما ان هناك العديد من الدول العربية تملك دلالا سياسيا عند الادارة الاميركية وهو ما يجعلها تخفف العقوبات في حال حصل اتفاق عربي يشترط بقاء سيطرة القوات الاميركية على حقول النفط والغاز.
اذن، كل المعطيات تقول ان الملف السوري يتقدم على الملف اللبناني الذي سيبقى ينتظر نتائج الاتفاق الإيراني- السعودي الذي جعل من سوريا بندا ثانيا بعد اليمن، وهذا يعني أن حل الازمة الرئاسية لا يزال بعيدا رغم كل الحراك الغربي والعربي، ومرد ذلك ان السعودية لم تبدل تبديلا في المواصفات التي طرحتها لرئيس لبنان، علما أن ثمة وجهة نظر تشير إلى ان التسوية في لبنان قد تنتظر افاق السين- السين.