“مقتل الرمثان وتصنيف زكور الارهابي”… هل أنهيا حلم الجولاني في سوريا؟

النشرة الدولية –

النهار العربي – عبدالله سليمان علي –

قبل أيّام قليلة من تنفيذ طائرات حربية أردنية غارة نادرة فوق الجنوب السوري قتلت المطلوب الأول للسلطات في عمّان، مرعي الرمثان الملقب بـ “اسكوبار سوريا” بسبب دوره البارز في عمليات تهريب المخدرات بين سوريا والأردن، كانت الولايات المتحدة الأميركية وتركيا تنسقان لإصدار قرار يُدرج أبو أحمد زكور واسمه الحقيقي “عمر الشيخ”، بينما كان معروفاً إعلامياً باسم جهاد عيسى الشيخ، على قائمة الارهاب لدوره في تمويل جماعات إرهابية. ويعتبر الشيخ الرجل الثاني في تنظيم “هيئة تحرير الشام” بعد زعيمه أبو محمد الجولاني الذي تجمعه به علاقة قديمة تعود جذورها إلى أيام القتال في العراق تحت عباءة تنظيم “القاعدة” ومن بعده “دولة العراق الإسلامية”.

الخطوة التركية – الأميركية أنهت عملياً سنوات من الضبابية الأميركية في التعامل مع ملف هيئة تحرير الشام حيث كان العديد من الاعتبارات والمصالح تدفعان السلطات الأميركية إلى تجميد نشاطاتها في مواجهة التنظيم المُدرج على لوائح الارهاب الدولية ولوائح إرهاب العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة وتركيا، وذلك لرغبة واشنطن ربّما في الاستفادة من توظيف هذا التجميد بما يتيح لها تحقيق إنجازات كبيرة على جبهة محاربة تنظيم “داعش” باعتبار أنه كان يشكل أولوية عالمية.

أنهت الخطوة أيضاً حلم الجولاني في الوصول إلى اليوم الذي تُرفع عن عنقه مقصلة التصنيف. وكان الجولاني خلال السنوات الماضية قد بذل جهوداً كبيرة من أجل إعادة تلميع صورته والظهور بمظهر المعارض المعتدل، فقام بفك ارتباط تنظيمه مع تنظيم القاعدة العالمي، وأدخل الكثير من التعديلات على سلوكه في التعامل مع بعض القضايا لا سيما منها موضوع الأقليات في إدلب، كما خفف كثيراً من سلطات تحكيم الشريعة في مناطق سيطرته وصولاً إلى رفع عصاها الغليظة عن المجتمع موسعاً من صلاحيات جهاز الشرطة على حساب الصلاحيات الواسعة التي كانت تتمتع بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “الحسبة”.

ولا شك في أن الجولاني شعر بخيبة كبيرة وحتى بنوع من الخذلان وهو يرى قرار إدراج زميله يصدر بالتنسيق بين تركيا، الحليف الأخير للمعارضة السورية، والولايات المتحدة، والتي طالما أشعرته عبر قنوات خلفية أن دوره يكمّل الاستراتيجية التي تتبعها في سوريا، وهو ما عبر عنه صراحة المبعوث الأميركي الأسبق إلى سوريا جيمس جيفري في تصريحات صحافية سابقة.

لا يمكن القول إن الجولاني تفاجاً بصدور القرار، إذ كانت هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن سياسة “ترك الحبل على غاربه” التي تتبعها واشنطن في التعاطي مع تنظيمه على أمل أن يلتفّ الحبل حول تنظيم داعش بالدرجة الأولى وتنظيم حراس الدين بالدرجة الثانية، كانت لها حدود واضحة وصارمة في بعض الأحيان، وهو ما تمثّل عملياً في موقف واشنطن وبعض الدول الغربية من سيطرة الجولاني على مدينة عفرين خريف العام الماضي، حيث نددت بتوسع هيئة تحرير الشام في مناطق الاحتلال التركي وطالبت بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.

وما زاد الطين بلّة ورفع من منسوب الشكوك لدى الجولاني ما صدر عن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار من تصريحات حول إنشاء مركز تنسيق ميداني بخصوص سوريا تشارك فيه سوريا وروسيا وإيران وتركيا معتبراً ذلك من نتائج الاجتماع الرباعي لوزراء الدفاع في موسكو الشهر الماضي.

وفيما كان الجولاني وفق بعض الآراء يراهن في تصعيد موقفه من التطبيع التركي مع دمشق على موقف أميركي أكثر تشدداً وحزماً، بدّد صدور قرار التصنيف وفرض عقوبات على من يعتبر بمثابة نائب له، أبو أحمد زكور (عمر الشيخ)، هذه الآمال وجعله يعيد حساباته في العديد من مواقفه ورهاناته.

وعوداً على بدء، تشير أوساط مقربة من تنظيم هيئة تحرير الشام إلى وجود مخاوف لدى قيادة التنظيم من بدء تجسّد ملامح سياسة “خطوة مقابل خطوة” التي يعمل عليها الأردن بالتوافق مع الدول العربية، وأن التخلص من رأس تهريب المخدرات في الجنوب السوري بالتنسيق مع أجهزة الأمن السورية، قد يكون خطوة يقابلها في الشمال السوري العمل على التخلص من بعض الرؤوس المطلوبة لدى دمشق وموسكو.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التركية حيث ستنشغل سلطات أنقرة بالوضع الداخلي وترقب النتائج، يبدو أن الجولاني قد يجد فرصة سانحة من أجل قلب الطاولة والعمل على إحراز نقاط قوة في الميدان تمكنه من مواجهة ما يحاك ضده لتمرير السياسات الإقليمية والدولية الجديدة في الملف السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى