عودة العرب إلى الأسد والأسئلة المشروعة
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

الجريدة –

من عاد إلى حضن الآخر؟ العرب عادوا إلى سورية أم سورية عادت إلى بيتها العربي الكبير؟ السؤال الأصح، هل العرب أعادوا الشرعية إلى نظام بشار الأسد أم إلى سورية كدولة عضوة في الجامعة العربية؟ وإذا أكملنا طرح الأسئلة فسنصل إلى حائط مسدود، لأننا سنكون معنيين بالإجابة عن أهم سؤال، من «انتصر» بعد 12 سنة حرب؟ نظام بشار الأسد وجبهة الممانعة أم «الثورة الموعودة» والتي وئدت وتفتّتت؟ وهل هناك «منتصر» وآخر «منهزم» في سورية بعد تلك المعارك والجيوش المتقاتلة وحجم التدمير المخيف الذي أصاب المدن والقرى؟

سورية دمرت بالكامل، لذلك غير مقبول أن يقال إن هذا انتصر وآخر هزم، هل يجوز بعد خراب البصرة أن تطرح المسألة السورية هكذا؟

قبل أن يجلس الأسد على كرسي بلاده في «قمة جدة» العربية ثمة لوحة مأساوية رسمت على الأرض تلاحقنا أينما كنا، هذه اللوحة تنطق بمأساة وفق تقارير ميدانية تداولتها وسائل الإعلام، تفيد بالتالي:

بعد أكثر من عقد على الحرب في سورية كانت الحصيلة مقتل أكثر من نصف مليون سوري، ولجوء أكثر من 5.5 ملايين شخص لدول الجوار ونزوج قرابة 7 ملايين آخرين موزعين داخل البلد، فيما استطاع الرئيس بشار البقاء على كرسي الحكم بل التجديد له.

منذ عام 2011 شهدت سورية أربع موجات من الهجرات التي نتج عنها موجات نزوح داخلية وموجات لجوء خارج البلاد، الأولى كانت خلال الأعوام 2011- 2014 والثانية خلال الأعوام 2014– 2015 والثالثة 2015-2016 والأخيرة بين 2019-2020، وهذا ما أدى إلى تغيير جوهري في الديموغرافيا.

دراسة نشرها المركز العربي بواشنطن يرتبط بالدوحة توضح، أن عدد سكان سورية بلغ قبل الحرب 21 مليون نسمة، ولكن في عام 2018 انخفض لأقل من 18.5 مليون نسمة، بدلا من وجود زيادة طبيعية، إذ هرب من البلاد أكثر من 5.6 ملايين لاجئ، ناهيك عن نزوح أكثر من 6.6 ملايين شخص، فيما لقي أكثر من 560 ألف سوري مصرعهم بسبب الحرب، وخلال سنوات الحرب ارتكب النظام جرائم حرب استخدم فيها أسلحة كيماوية وممارسات أجبرت ملايين الأشخاص على الفرار من ديارهم، والتي أثرت بشكل عميق على «التركيبة الطائفية والعرقية للمجتمع السوري»، وأشارت الدراسة التي أعدها الكاتب رضوان زيادة مؤلف كتاب «تدمير سورية: كيف نجحت استراتيجية (الأسد أو نحرق البلد)» إلى وجود خمسة تكتيكات تبعها النظام لتضمن «خلق بيئة سياسية أكثر مرونة لخنق المعارضة وتضمن السيطرة على المدى الطويل»، من خلال إيجاد واقع طائفي وعرقي جديد، جانب آخر من المأساة يظهر في الواقع الذي أصبحت عليه منطق «دير الزور» وفقاً للمحامي محمد صبرا والذي قدم «خريطة القوى العسكرية» وهي مقسمة إلى أربع مناطق، إذ تتمثل السيطرة في شمال شرق دير الزور بقوات سورية الديموقراطية «قسد» وقوات أميركية والميليشيات الإيرانية والجيش السوري.

سورية في قلب العاصفة كما توصف، وما زالت في دائرة الصراع والتجاذب ومسرح لعمليات عسكرية اختلط فيها الحابل بالنابل، بدءاً من إسرائيل إلى إيران مروراً بتركيا وصولاً إلى روسيا وأميركا، فهل «استوت الطبخة» الدولية، وبمعنى أصح هل باتت سورية في دائرة الحل وإجراء صفقة بين اللاعبين الكبار توزع فيها مناطق النفوذ تبعاً لموازين القوى؟ أم أن ما جرى في البيت العربي لم يتخط تلك الحدود بدليل أن الإدارة الأميركية تستعد لشن معركة سياسية حامية ضد كل دولة عربية تتعامل مع سورية بفرض عقوبات صارمة عليها، وهذا ما يعني أن الملف السوري سيبقى في طابور الانتظار؟

***

تلقيت بالأمس خبراً حزيناً بفقدان صديق عمري في مرحلة الدراسة والشباب وهو المرحوم نبيل داود، والذي يحمل من اسمه معنى الوفاء، سيبقى في الذاكرة لأنه رمز للصداقة والطيبة، عزائي لأصدقائنا المشتركين غسان النابلسي وفاروق كلش وسعيد سردوك، وعزاؤنا إلى زوجته وبناته وأشقائه وأقربائه.

زر الذهاب إلى الأعلى