صنّاع محتوى.. بلا محتوى
بقلم: الجازي طارق السنافي

النشرة الدولية –

من أكثر مشاكل العالم الرقمي، هو صعوبة التعرف على هوية الأشخاص وواقعهم بسهولة، إذ يمكن لأي مستخدم أن يضع أي اسم أو صفة يرغب فيها ثم يبدأ رحلة الانطلاق في العالم الافتراضي.

نشرت مجلة نيو يوركر الأميركية عام ١٩٩٣ كاريكاتيرا للرسام بيتر شنايتر، وهو عبارة عن كلبين أمام شاشة كمبيوتر، كتب عليها تعليقا: في عالم الإنترنت، لا أحد يعرف أنك كلب.

بالإشارة إلى تلك الرسمة، شاع بكثرة مصطلح «صانع محتوى» في الآونة الأخيرة، وبدأ يتداول عبر حسابات المشاهير في وسائل التواصل الافتراضي، مصطلح صانع محتوى: هو لقب يوصف الشخص الذي يقدم محتوى ذا قيمة لجمهور معين وفي مجال متخصص أو مجالات مختلفة، يرتكز هذا المصطلح على مجالات متنوعة في صناعة المحتوى، ككتابة المقالات والمدونات، والذي غالبا ما يركز في مجال أو مجالين لأغراض التفاعل الجماهيري أو طرح رؤية وفكر معين، أو تسليط الضوء على قضية معينة أو التسويق لحدث أو خدمة منتج ما، وهناك أيضا صناع محتوى للإعلانات وطرق التسويق والدعايات والذي يسمى كذلك «المحتوى الدعائي» والتي غالبا ما يحمل كاتبها صفة copywriter والذي له طرقه ومهامه الخاصة في تدوين وكتابة الدعاية وغيرها. وهناك الكثير من الأمثلة لصناع المحتوى منها، محتوى صناعة الفيديوهات، ووصف المنتجات، وكذلك التدوين الصوتي كالبودكاست والإذاعة وغيرها من الوسائط المتعددة المقروءة والمكتوبة والمسموعة إلخ.

تتطلب صفة «صانع محتوى» مستوى مهارات عديدة، أولها البحث عن موضوع جديد وابتكار طريقة تسويقه ونشره، والذي بدوره يجب أن يكون موضوعا ذا قيمة للمتلقي وللجمهور، وأن تكون الكتابة بلغة سليمة وخالية من الأخطاء، وإجادة لغة معينة بطلاقة، والإلمام بالموضوع أو الخدمة أو المنتج، ولكن مع الأسف الشديد كل ذلك لا ينطبق مع غالبية من يوصفون أنفسهم بـ «صناع محتوى»!

صناع محتوى بلا محتوى، بلا قيمة، بلا مهارات، بلا أي شيء مما ذكر سابقا، مشاهير طوروا صفة عارضين وعارضات أزياء-فاشينيستا، إلى صناع محتوى، وكل محتواهم عبارة عن تصوير كوب قهوة، وعرض أجسام وعمليات تجميل وبعض الدعايات مدفوعة الثمن، والتي كانت تنشر في جرائد الإعلانات في الماضي.

أصبح لقب «صانع محتوى» يعني أيضا أنه مشهور يتابعه الآلاف. أصبحت الألقاب توزع «ببلاش»، يمكن لأي شخص أو فرد أن يفتح حسابا جديدا ويعطي نفسه لقبا أو صفة كما يشاء. ولن يعرف الكثير من المستخدمين أن في عالم الإنترنت، والعالم الافتراضي، لن يكشف أمرهم أي شخص مادام استمروا في العمل خلف الشاشات.

 

* بالقلم الأحمر: اختلط الحابل بالنابل!

زر الذهاب إلى الأعلى