إذا توافقت “المعارضة” في لبنان على “ترئيس” جهاد أزعور!
بقلم: فارس خشان

النشرة الدولية –

في حال جرى طرد الشيطان من التفاصيل، وتوافقت، فعلًا، القوى المعارضة ل”حزب الله” على ترشيح الوزير السابق الدكتور جهاد أزعور، بعد إحباط قسم من “التيّار الوطني الحر” بقيادة النائب آلان عون لمحاولة أولى مماثلة، فإن طريق رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجيّة الى القصر الجمهوري يكون قد انقطع.

ومنذ ترشيح “الثنائي الشيعي” لفرنجية، وعلى الرغم من الدعم الفرنسي الواضح ومن التراجع السعودي عن “اللاءات” التي استهدفته، لم يكن هناك أمل في “توصيله” الى القصر الجمهوري إلّا إذا اجتمعت ثلاثة عوامل لمصلحته: انضمام “اللقاء الديموقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط الى داعميه، “السماح” لمجموعة  من النواب السنة الذين وضعوا أنفسهم بتصرّف “كلمة السر” السعودية بانتخابه، وفق رغبة معظمهم، تأمين “التيّار الوطني الحر” النصاب الدستوري لجلسة الإنتخاب وانشقاق بين 7 و8 نواب عن “أمرة” رئيس التكتل النائب جبران باسيل!

وكان “البوانتاج” الذي يجريه فرنجية وداعموه يظهر وجود عجز كبير عن توفير الأصوات الواجبة لانتخابه، من دون تحقيق هذه العوامل الثلاثة.

وفي واقع الحال، فإنّ السفير السعودي وليد بخاري، على الرغم من رفع “اللاءات” عن فرنجية إلّا أنّه امتنع عن إسماع النوّاب السنّة المنوّه عنهم أعلاه، أيّ توصية إيجابية، على الرغم من إلحاح بعضهم، مستجيبًا بذلك الى تمنّ أودعه إياه رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع، في لقائهما الأخير الذي تعهّد فيه أن تتوصّل القوى المعارضة الى ترشيح إسم يملك أهلية منافسة فرنجية، وعلى الرغم الضغوط التي تعرّض لها وليد جنبلاط من صديقه رئيس المجلس النيابي نبيه بري للوقوف الى جانب فرنجية، إلّا أنّه ترك الكلمة الفصل” ل”وريثه” تيمور الذي ثابر على رفض انتخاب فرنجية، على الرغم من علاقته الوطيدة بابنه النائب طوني فرنجية، ولم يستطع “الفريق المتمرّد” على جبران باسيل في “تكتل لبنان القوي” من الذهاب بعيدًا في تنسيقه مع “حزب الله” الذي سبق أن وفّر وصول أعضاء هذا الفريق الى المجلس النيابي، إذ دخل الرئيس السابق ميشال عون على الخط لتصليب جبهة باسيل متوعّدًا “المتمردين لمصلحة الثنائي الشيعي” بإصدار حكم “الخيانة” بحقهم، الأمر الذي يخسرهم القاعدة المسيحية التي ينطلقون منها لطلب الدعم التصويتي من “حزب الله”.

وتملك القوى المعارضة لترئيس سليمان فرنجية كل “الأسباب الموجبة” لقطع طريق القصر الجمهوري عليه، وهي من أجل ذلك دخلت في صدام مع فرنسا التي طالما كانت قريبة منها، وقد صُدم المسؤول عن ملف لبنان في الخلية الدلوماسية في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل من رئيس “حزب الكتائب اللبنانية” سامي الجميل، خلال لقائه به في باريس، وهو يسمعه يبلغه، في نهاية اللقاء الذي جمعهما:” سوف أفعل المستحيل لأُفشل خطة ترئيس فرنجية”

ومنذ أطلق الجميل هذا التحدّي حتى عاد الى بيروت “وسيطًا”، فأسقط تحفظاته السابقة عن كلّ من “التياّر الوطني الحر” و”حزب الكتائب اللبنانيّة”، واستغلّ صلاته الجيّدة بعدد من النوّاب التغييريين والمستقلين، ونشط في تقريب وجهات النظر، من أجل التلاقي على مرشح يملك القدرة على منافسة فرنجية.

قوّة الجميل في وساطته تكمن في أنّه أكثر سياسي مسيحي يملك مصلحة في وصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، لأنّ رئيس “التيّار المردة” يمكن أن يُعينه على تقليص نفوذ كلّ من “التيار الوطني الحر” و”حزب القوات اللبنانية” في حال وصوله الى القصر الجمهوري، إنطلاقًا من حاجة القوى المسيحية “الصغيرة نسبيًّا” الى بعضها البعض، لكنّ الجميل تخلّى عن مصلحته السياسية واندمج في ما يعتبره المصلحة الوطنية، إذ إنّه يعتقد بأنّ عهد فرنجية قد يُنهي ما تبقى من مكتسبات سيادية حصل عليها لبنان، في ضوء ثورة 14 آذار، إذ إنّ هناك مخاوف جدّية من إحياء النظام الأمني اللبناني – السوري الذي كان يتحكم ببلاد الأرز،  قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا يعني أنّ لبنان في نهاية عهد فرنجية، إذا وصل، لن يكون قابلًا للإنقاذ أبدًا!

وإذا كان جعجع غير متحمّس لإملاء الشغور الرئاسي، طالما أنّ جميع المرشحين لن يتمكنوا من تحقيق ما يصبو إليه، إلّا أنّه تلمّس أنّ “تكتيك الفراغ” مؤقت للغاية، فالدينامية المحلية والإقليمية والدولية، لن تكون لمصلحة الشغور، وتاليًا فإمّا ينخرط في مسار ترشيح البديل” وإمّا يصل فرنجيّة الى القصر الجمهوري.

وإذا كان رئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل غير مهووس بالشأن السيادي، إلّا أنّه، في المقابل، مسكون بهاجس المستقبل، فسليمان فرنجية يحفظ له تراكمات عشر سنوات  من مواجهة استعملت فيها ضربات “تحت الزنّار”، وهو لن يجد ملاذًا، في حال وصول هذا الخصم المحلّي الذي سينازعه على قواعد متشابهة في الشمال وكسروان، سوى في الإحتماء تحت عباءة “حزب الله” ممّا يهمّش حرية تحركّه في الداخل والخارج، ولذلك، فإنّه يجب أن يسقط، بالمتوافر، حظوظ فرنجية الرئاسية، فينقذ، من جهة أولى دوره السياسي، ويحافظ، من جهة ثانية، على رئاسته ل”التيار الوطني الحر” الذي لن يبقى معقودًا له في ظلّ رئيس جمهوريّة معاد” وميشال عون ” خافت”.

ولكن، هل يُعلن التوافق على جهاد أزعور، بعدما وضعه “حزب الله” في خانة “الأعداء”، إذ وصفه، يوم الأحد الأخير رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد بأنّه ” ممثل الخضوع والاذعان  والاستسلام”؟

وحاول “حزب الله” في الأوّل من نيسان ( أبريل) الأخير قطع الطريق أمام ترشيح جهاد أزعور، فهاجمه النائب محمّد رعد معتبرًا إيّاه مرشح الولايات المتحدة الأميركية.

وهذا يعني أنّ الإعلان عن توافق محتمل على ترشيح جهاد أزعور يأخذ في الإعتبار موقف “حزب الله” المعادي له، منذ اليوم الأوّل لبروز اسمه.

البعض يعتبر أنّ توافق المعارضة لن يصل الى خواتيمه. البعض الثاني يرى أنّ ترشيح جهاد أزعور، حتى لو حصل، فهو من أجل فتح حوار مع “حزب الله” هدفه إسقاط ترشيح سليمان فرنجية والذهاب الى خيار آخر. البعض الثالث يرى أنّ ترشيح جهاد أزعور قد يسقط تحفظات “الثنائي الشيعي” على ترشيح قائد الجيش العماد  جوزف عون الذي لديه مناصروه في الداخل والخارح، الأمر الذي يثير حفيظة باسيل ويريد ضمانات من المعارضة بأن لا ينام على اسم جهاد أزعور ويصحو على اسم حوزف عون.

من الواضح، أنّ معركة رئاسة الجمهوريّة فتحت في لبنان على مصراعيها، من أجل بلورة صورة حقيقية قبل الخامس عشر من حزيران، الموعد الذي ضربته فرنسا لترفع يدها عن الإهتمام بملف الرئاسة اللبنانية!

زر الذهاب إلى الأعلى